عامقضايامقالاتمقالات الرأيمقالات تربوية

الحق لا يحتاج لأكثرية، بل لقلوب لا ترتجف حينما تسير وحدها

أ. فرج كريكش

لاشك أن يوم القيامة سيكون مزدحماً جدا ًوسيكون عسيرا جدا على الأغلبية الساحقة من البشر ،
هذه الأغلبية التي لو دخلت الانتخابات لفازت ولمررت كل الأراء والقرارت السياسية والاقتصادية وكأنها مقدسة
ولأعلنت في مؤتمرها صحفي الأول أنها تملك الحق المجرد ،
لماذا ؟ لأنها حازت الأغلبية الساحقة
ولو صح منّا القول لسميت الأغلبية القاسية التي يموت أطفال بجوارها من شدة الجوع وقد كان يسد رمقهم رغيف من الخبز ، ويُقهر تحت أعينهم رجال من شدة العجز وقد كان يشد من عضدهم كلمة طيبة ويداً حانية

هل تصدّق أن فنانًا صوته كالعواء،
يتابعه مليار من البشر؟
يهلّلون له كلما نبح!
بينما يموت في الظلال رجلٌ اخترع دواء ً ولم يدري بموته أحد

إذا منعت السلطات الظالمة مرور قافلة مساعدات تحاول فك الحصار عن غــزة فلا تكن مع تلك الجموع التي تبرر للسلطات كل ذلك الخذلان القذر فإنك حينئدٍ منهم بل وشريكهم في ذلك المنع الآثم ولو كنتم أغلبية ساحقة تلتقط الصور أمام البوابات المقفلة .

لا تكن معهم فإن هؤلاء أكثرهم لايعلمون ولا يعقلون ولا يفقهون ولا يحسون ولا يستحون

إن أي تبرير لاغتصاب ممثلي الأمة ذكرانا وإناثا تحت قبة البرلمان في سابقةٍ من الفحش لم يسبقكم بها أحد من العالمين ستكون عواقبه وخيمة ولابد !!فلا يغرنك إنكار الجموع وكذبهم وتعليق تلك المخازي على شماعة الذكاء الصناعي ولو كانوا أغلبية ساحقة فإن هؤلاء أكثرهم كاذبون

عندما قال فرعون : فماذا تأمرون ؟ فإنه لم يكن أبدا يريد الاستشارة ، فقد قرر سلفا إن موسى ساحرٌ عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم
لكن فرعون كان يريد الزينة والقطيع وأن يجمع من حوله الأغلبية الساحقة لعلهم يطبلون ويزمرون ويتبعون السحرة إن كانوا هم الغالبين.
طيب ، وماذا لو لم يكونوا غالبين ؟
ستظل الجموع تصفق وتهتف رغم أنف سجود السحرة لرب موسى وهارون فإن هؤلاء حسب الرأي العام لشرذمة قليلون وإنهم لكم لغائطون !!
فإذا سلمتك أقدارك لزمن يشبهه فلا تكن معهم فتكون من الآخرين الذين لا قيمة لهم
أتعرف من هم الآخرون ؟ الذين قال الله فيهم ﴿ثُمَّ أَغرَقنَا الآخَرينَ﴾
أيرضيك أن تكون واحدا من هؤلاء الهمل الذين هانوا على الله
إن في ذلك لآية ، ولكن ماذا ؟
ولكن أكثرهم !! لا يؤمنون وإن ربك لهو العزيز الرحيم
هل أخذت بالك من مفردة أكثرهم هنا ؟ إنهم الأغلبية الساحقة التي ترجح كفة الميزان في الانتخابات ولكنها في ميزان الحق نار !

يدعو سيدنا نوح على الأغلبية الساحقة فكيف كانت الإجابة

﴿فَأَنجَيناهُ وَمَن مَعَهُ فِي الفُلكِ المَشحونِ﴾ ثم ماذا ؟
﴿ثُمَّ أَغرَقنا بَعدُ الباقينَ﴾ فهل يرضيك أن تكون مع هذه الأكثرية الغرقى ؟

الحق لا يحتاج لأكثرية،
بل لقلوب لا ترتجف حينما تسير وحدها

﴿قُل لا يَستَوِي الخَبيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَو أَعجَبَكَ كَثرَةُ الخَبيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الأَلبابِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى