اجتماعيةعاممقالاتمقالات الرأي

الخبز والألعاب!

الشيخ د. أبوبكر العيش
في روما القديمة كان القادة يقدمون حصصاً من الحبوب وألعاباً عامة (مهرجانات، سباقات) لتهدئة الحشود وكسب الشعبية، وكان التعبير الأشهر عن هذه السياسة هو عبارة Panem et circenses .
أما في ألمانيا النازية (1933–1945) فقد وظّف النظام النازي أجهزة دعاية ضخمة ومؤسسات ترفيهية مثل منظّمة أو وزارة الدعاية والتنوير الشعبي (Reichsministerium für Volksaufklärung und Propaganda) أسسها جوزيف غوبلز عام 1933، وكانت الجهاز المركزي المسؤول عن الصحف، والإذاعة، والسينما، والفنون، وكل وسائل الإعلام، مهمتها: صناعة صورة براقة عن هتلر والنظام، وإخفاء القمع الوحشي، ونشر الأيديولوجية النازية في كل تفاصيل الحياة اليومية.
إلى جانب هذه الوزارة، كان هناك أيضًا منظمة اسمها : “القوة من خلال الفرح” (Kraft durch Freude – KdF)، وهي مؤسسة ترفيهية واجتماعية أنشأها النظام لتوفير رحلات، أنشطة ثقافية، سيارات شعبية “فولكسفاغن”، وكلها كانت أدوات لتلميع صورة الدولة ورسمها كحامية لرفاهية الشعب…

البحوث في علوم السياسة والاتصال تصف هذه الأدوات كجزء من «أدوات شرعنة الأنظمة الاستبدادية» وكمكوّن من استراتيجية البقاء السياسي.

هذه التكتيكات فعّالة غالبًا على المدى القصير أو المتوسط: تخفف الاحتقان وتشتت الانتباه عن القمع والضعف الاقتصادي. لكنّها نادرًا ما تغيّر الواقع البنيوي (القمع، الفساد، الفشل المؤسسي)، وعندما تتفاقم الأزمات تختفي «الطبقة التجميلية» وتنكشف الحقيقة.

رحم الله أبا الحسن التهامي (416هـ) إذ يقول: (ثوب الرياء يَشِفُّ عما تحته … وإذا التحفت به فإنك عار)، وكأنه يحاكي ابن الرومي القائل: (فترى غروراً ظاهراً من تحته… نَكدٌ فَقُبِّح شاهداً ومُغيَّبا) …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى