عامقضايامقالاتمقالات فكرية

المصطلح وتعدد المفاهيم

أ. محمد خليفة نصر

  • مفكر ليبي

ما انفك فلاسفة أوربا على مدى القرون الأربعة الأخيرة يؤكدون ألوهية الدولة؛
•⁠ ⁠هوبس (1588-1678) أعلن أن الدولة هي الإله الفاني في ظل الإله الباقي،
•⁠ ⁠هيجل (1770 – 1831 )أعلن أن الدولة هي العقل عندما يحقق ذاته كإرادة،
•⁠ ⁠نيتشه (1844-1900) أعلن أن الدولة هي الصنم الجديد،
•⁠ ⁠يونغ (1876-1961) أعلن أن الدولة قد أخذت مكان الله.
هذا في أوربا؛ أما في بلاد العرب (وبها 350 جامعة) فلم يتحرك قلم واحد لمعالجة المسألة!
ـــ وبماذا تشتغل الأدمغة العربية-الإسلامية الآن؟
تشتغل بالخلافات؛
•⁠ ⁠بين الحنابلة والمعتزلة،
•⁠ ⁠والمعتزلة والأشاعرة،
•⁠ ⁠والسلف والصوفية،
•⁠ ⁠والشيعـة والسنـة.

المشتغلون بهذه القضايا لم يدركوا بعد أن النظام العالمي الحالي مبني على فكر تعدد الآلهة، وأن أنظمة المسلمين جزء من هذا النظام الذي يدافع عن نفسه (= يدافع عن تعدد الآلهة) بإشعال كل انواع الحروب ضدًا على الذين لا يجعلون مع الله إله آخر.

من الحكمة إدراك أن النظام القائم على وحدانية الله قد انتهى سنة 1924، ولم تبق منه إلا العبادات. وللذين يشتغلون بالقضايا الميتة، التي تتحول في زمننا هذا إلى مشاريع مميتة، أود أن أقول: خصوم الإسلام يقدرون جهودكم، ويستثمرون في أفكاركم، وينفقون على مشاريعكم التي لن يقوم للإسلام قائمة قبل أن يتخلص منها ومنكم.

وبفضل غفلتكم تدور الحرب على الإسلام، ولكن ليس في دار الإسلام التي لم يعد لها وجود، بل في ديار حرب على الإسلام، ووقودها عوام المسلمين الذين ضللتموهم بنظركم إلى الخلف وسيركم إلى الوراء، وإحيائكم لما مات من فتن. أنتم الغافلون الذين حولوا جمهرة المسلمين إلى مغفلين.

حبذا لو يدرك المشتغلون بالنظر إلى الخلف والسير إلى الوراء أن الخيار الآن ليس بين المعتزلة والأشاعرة أو بين الشيعة والسنة! الخيار الآن بين نظام لا يتسامح مع أن يكون مع الله إله آخر، ونظام قائم على تعدد الآلهةـــ التناقض بهذه الحدة وإلى هذه الدرجة!

الإسلام ليس في حاجة الآن لإصلاح أو تجديد، بل في حاجة للبناء من جديد، ومن الصفر! والصفر في الإسلام هو “الكفر بالطاغوت”. هذا النوع من الكفر شرط لفعالية الإسلام؛ وإذا نظرنا بعين التحليل إلى انعدام الفعالية عند الإسلاميين فسنجد أن عدم الكفر بالطاغوت من أسبابها، كما سنكتشف أن سر نجاح من نجحوا كان الكفر بالطاغوت.

الخلاصة: الوقوف على ثغر المصطلحات والمفاهيم من فروض الكفاية، وقد اخترته على غيره لرفع الحرج عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم. بدأت اليوم بمصطلح “الدولة”، وفي قابل الأيام سأهتم بمصطلحات أخرى قصد تبيان أن المصطلح الواحد قد يحمل من المفاهيم ما لا يخطر لك على بالّ!
وهل خطر على بالك من قبل أن مصطلح “الدولة” يحمل، في عالم المفاهيم، بعضًا من معاني الألوهية؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى