اجتماعيةعاممقالاتمقالات تربوية

ذكرى المولد بين المنع و الجواز

أ.د .بلخير طاهري الإدريسي

المولد النبوي محطة نورانية، وذكرى تاريخية، و مناسبة اجتماعية، تذكر فيها خصال أهل البرية، و تشريعاته المرعية، من أحكام شرعية، و سلوكات تربوية، ومشاهد ربانية ، غدت معالم يرجع إليها كلما طال الزمان ، و ندرست الاحكام، و ابتعد عن هدي خير العباد، لتكون هي الزاد قبل المعاد.
وعليه : تنوعت اهتمامات العلماء على مر الزمان، فهذا يكتب عن سيرته، و هذا عن مغازيه، وهذا عن خصاىصه، وهذا عن شمائله، وهذا دلاىل نبوته، وهذا عن حقوقه، و كلها مصنفات مبسوطة ، تاصيلا و تفريعا.
و سأحاول في هذه النقاط التركيز على سد الفجوة بين مذهبين كلاهما يحاول إقصاء الأخر .
هذا يقول : أعطن دليلا من الكتاب و السنة و عمل السلف صريح في المنع ؟
و الآخر يعيد عليه بالقول بالموجب على لغة أصحاب القوادح أعطن دليلا واحدا من الكتاب و السنة وعمل سلف هذه الأمة على جواز فعله ؟
و بين هذين المسلكين سأحاول نصب بعض المعالم لعلها تكون عونا لنا في احتواء المسألة ، و نخرج من دائرة الجحود أو التطرف ، فأقول و بالله التوفيق :
من أبجديات التشريع :
أولا: ترك التفريع زمن التشريع
ثانيا: عدم النقل لا يستلزم نقل العدم .
ثالثا: السكوت في وجود المقتضى وانتفاء المانع يستلزم العفو .
رابعا: عدم فعل الصحب الكرام ، لا يستلزم المنع .
خامسا: الاحتفال و الاحتفاء في الأصل من جملة المباحات وقد تعتريه الأحكام التكليفية الخمسة.
سادسا: حسن القصد قد يشفع في الفعل .
سابعا: يجوز للعالم ما لا يجوز للعامي سدا للذريعة.
ثامنا: الترك خشية أن يفترض ، و العلة تدور مع الحكم و جودا و عدما.
تاسعا: كل مسألة اتفق عليها السلف فهي من جملة الأصول و يحرم مخالقتها.
وكل مسالة إختلف فيها السلف فهي من جملة الفروع و بسعنا ما و سعهم ، فإنه لا إنكار في مختلف فيه .
ضوابط الاحتفال بمولده صلى الله عليه و سلم.
قال الامام السيوطي : وأما ما يعمل فيه : فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم به الشكر لله تعالى ، من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة ، وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة .
وأما ما يتبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك : فينبغي أن يقال: ما كان من ذلك مباحا بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم : لا بأس بإلحاقه به، وما كان حراما أو مكروها فيمنع، وكذا ما كان خلاف الأولى ” انتهى من “الحاوي للفتاوي” (1/ 229)
ويمكن رسم هذه الضوابط في النقاط التالية :
1_ عدم الإطراء الذي نهى عنه الصادق المصدوق.
2_ تحرًي الصحيح في ما ثبت عنه صلى الله عليه و سلم
3_ إيّاك واختلاق القصص لتحبيب الناس في الحبيب
4_ العبادة غير المنصوصة لا يتقرب بها لا لله و لا للرسول.
5_ إعتقاد استحباب و إباحة الاحتفال لا وجوبه .
======#محاذير في الإحتفال :
1_ الغناء و الموسيقى المبالغ فيه .
2_ الاختلاط بين الجنسين من غير المحارم
3_ المفرقعات و اذاية الناس
4_ السهر و إزعاج الجيران و لو بالذكر .
5_ المديح الذي يحمل الغلو و المبالغة
ما يجوز في هذه الذكرى :
1_ الفرح بهذا اليوم و إظهار السرور
2_ التوسعة على العيال
3_ إكرام الفقراء و المحتاجين لمقام رسول الله
4_ قراءة السيرة النبوية الصحيحة على عامة الناس و أهل بيتك
5_ اجعلها محطة للمراجعة قربا و بعدا من سنته.
في الاخير: تبقى هذه كلمات على طريق التنوير ،للخروج من دائرة التدوير ، و إجترار الكلام بنفس الألغام .
فلنحسن الظن بأهل الإسلام ، و نستحضر تلك القاعدة النورانية في استيعاب المخالف و حسن الظن به .
أنه : ليس من اراد الحق فاخطأه كمن اراد الباطل. فادركه .
كتبه:
أ.د/بلخير طاهري الإدريسي الحسني المالكي الجزائري.
عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

Related Articles

Back to top button