الكلمة الأسبوعية

رمضان شهر النصر والعمل والنجاح

 

بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

يوصف شهر رمضان بأنه شهر القرآن، ففيه أنزل القرآن {شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ}، وهو شهر الصبر، حيث يُمسِك المسلم عن تناول المفطرات، ويمنع شهوته لزمن محدد، يقول رسولنا r فيما يرويه عن ربه، قال:(الحَسَنةُ بعَشْرِ أمثالِها، والصَّومُ لي، وأنا أجزي به، إنّه يَذَرُ طَعامَهُ وشَرابَهُ مِن أجْلي، فالصَّومُ لي، وأنا أجزي بهِ، وخُلوفُ فَمِ الصّائمِ أطيَبُ عِندَ اللهِ مِن رِيحِ المِسكِ)، والمولى سبحانه جعل جزاء الصبر عظيما وبدون حدود {إِنَّمَا یُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَیۡرِ حِسَابࣲ}، وهو أيضا شهر الفرقان والنصر المبين، وباستعراضنا لتاريخنا المجيد؛ نجد أن معظم المواقع الفاصلة والحاسمة في تاريخ أمتنا المجيد كانت في رمضان:
• وأولها غزوة بدر الكبرى التي سماها القرآن يوم الفرقان: {وَمَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا یَوۡمَ ٱلۡفُرۡقَانِ یَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِۗ}، وغيرها مثل:
• فتح مكة كانت في 20 رمضان 8 هـ.
• قدوم وفد ملوك حمير معلنين إسلامهم فأكرم الرسول وفادتهم وكتب لهم كتابًا حدد فيه الحقوق والواجبات ويعتبر هذا الكتاب وثيقة مهمة من وثائق التاريخ وذلك في رمضان من السنة التاسعة نفسها.
• معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص في رمضان 15 هـ
• فتح بلاد الأندلس بقيادة طارق بن زياد في رمضان سنة 92 هـ
• معركة بلاط الشهداء بقيادة عبد الرحمن الغافقي في رمضان 114 هـ
• تأسيس مدينة كانديا في جزيرة كريت في رمضان سنة 217 هـ
• فتح عمورية بقيادة الخليفة العباسي المعتصم في رمضان 223 هـ
• افتتاح الجامع الأزهر يوم الجمعة 7 رمضان 361 هـ الموافق 21 يونيو 972 م
• معركة الزلاقة وهي في جنوب دولة إسبانيا حاليًا في رمضان سنة 479 هـ
• معركة عين جالوت بقيادة السلطان قطز والقائد العسكري بيبرس ضد المغول في رمضان سنة 685 هـ
• موقعة حطين بقيادة صلاح الدين ضد الصليبيين وفيها تم تحرير المسجد الأقصى في رمضان سنة 584 هـ
• حرب رمضان 1973 م، كان في رمضان سنة 1393 هـ، ضد القوات الصهيونية الغاصبة، وكان عبور قناة السويس، وتحطيم خط بارليف.

هذه مجموعة من الانتصارات التي حققها المسلمون خلال أربعة عشر قرنا من الزمان، بالإضافة إلى الانتصارات التي تحققت في شهور وأيام أخرى غير أيام هذا الشهر الكريم، فهو ليس شهر نوم وكسل بل عبادة حقيقية تنطلق من المسجد، وتعود إليه، وتغذيها النية الصادقة، وتحكمها الأخلاق النبيلة، تهدف إلى نشر النور، وأن يعم الخير والعدل ربوع الأرض.
وقد تم حصر عدد من الكتب انتهى مؤلفوها من تأليفها في هذا الشهر الكريم، تجاوزت الثمانين كتابا، منها:
• غريب الحديث للإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي البغدادي (ت:597هـ). فرغ منه في رمضان سنة (576هـ)
• مختار الصحاح للشيخ الإمام محمد بن أبي بكر الرازي (ت بعد:666هـ). فرغ منه غرة رمضان سنة (660هـ)
• رياض الصالحين للإمام النووي (ت: 676هـ). فرغ منه يوم الاثنين رابع عشر رمضان سنة (670هـ)
• الكاشف في أسماء الرجال للحافظ الذهبي (ت: 748هـ). فرغ منه بعد العصر يوم الجمعة الـ27 من رمضان سنة (720هـ)
لو أردنا أن نستعرض مجالات العطاء المثمر والعمل النافع الذي يتجلى في شهر رمضان لما وسعنا المقام، فالمجالات كثيرة ومتعددة، فمن العمل الخيري ومساعدة المحتاج إلى النشاطات الثقافية والعلمية من دروس ومحاضرات إلى المسابقات القرآنية وغيرها إلى إحياء المساجد بالاعتكاف والصلوات، وهلم جرا.
إن حياة المسلم تزداد فاعلية وعطاء كلما ازداد قربا من الله تعالى، والصيام حالة قرب وإخلاص وصدق وصبر وجهاد تنعكس على النفس والروح فتبرز كوامنها، وتتحرر قدراتها؛ فتنطلق في الأرض بناء وتعميرا، في الوقت الذي تشدو فيه الحناجر باسم الله تسبيحا وتهليلا، فلم يكن الصيام عائقا أمام العمل والبناء بل كان زادا ودافعا للبذل والعطاء.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى