عاممقالاتمقالات تربوية

عاشوراء في ذاكرة الأمة وواقعها المعاصر

بقلم الدكتور عبدالعزيز رجب

   من رحمة الله بعباده أن جعل لهم في أيام دهرهم نفحات، ومواسم للخيرات، فتضاعف فيها الدرجات، وتغفر فيهاالسيئات، ويفرّج فيها عن عباده الكربات، فيفرح فيها المسلم لما عند الله فيها من الخيرات. ومن تلك الأيام، يومعاشوراء، فهو يوم:

– **تغفر فيه ذنوب عام كامل**: كما جاء عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليهوسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ» (أخرجه مسلم).

– **ومن أيام الله التي ذكرها**: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5]، وكما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهماقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللهِ» (أخرجه مسلم وأحمدحيث نجى اللهموسى وقومه من فرعون وظلمه، وأغرق فرعون وجنوده.

– **فيه استشهد الحسين رضي الله عنه وهو يدافع عن الحق**: كان ذلك يوم الجمعة العاشر من محرم سنة61هـ.

نتعلم مما سبق أن المسلم عليه:

– **أن يتابع ما يدور حوله**، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سألاليهود عن يوم عاشوراء فقال لهم: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فقالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسىوقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ» (أخرجه الشيخان).

– **أن يشكر الله على نعمه التي لا تحصى**، كما جاء في الحديث السابق: «فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا».

– **يعلم أن الإسلام دين عالمي**، لا يحده زمان ولا مكان، كما جاء في الحدث السابق «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَىبِمُوسَى مِنْكُمْ»، والأنبياء جميعهم دينهم الإسلام، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آلعمران: 19].

– **أن يتميز المسلم فلا يتشبه بغيره**، خاصة في العقائد والعبادات، فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهماحين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهودوالنصارى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» (أخرجه مسلم).

– **أن يهتم المسلم بتربية الأولاد**، فكان الصحابة يعلمون ويدربون أولادهم على صيام يوم عاشوراء، كما جاءعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت عن صيام يوم عاشوراء: “فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ” (أخرجه الشيخان).

– **ألا يفقد المسلم الأمل في نصر الله للمؤمنين وإن طال الطريق**، فسينصر الله دعوته وعباده المؤمنين كمانصر دعوته وأنبياءه: موسى وعيسى ومحمد عليهم جميعًا الصلاة والسلام في مثل هذا اليوم العظيم، قال سبحانه: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)﴾ [الروم: 4-5].

وختاما.. يبقى يوم عاشوراء رمزًا للصمود والإيمان، يذكرنا بحكمة الله وعظمته في نجاة الصالحين وإعلاء كلمتهم. لنستفيد من هذا اليوم بتعلم الدروس التي يقدمها وبتطبيقها في حياتنا اليومية.

كتبه

الدكتور عبدالعزيز رجب

دكتوراه في الدعوة الإسلامية

وأمين عام اتحاد علماء الأزهر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى