الشيخ:د. ونيس المبروك
كنتُ قد كتبتُ فيه منشورا قديما ، خلاصته :
إن ما يقوم به أفراد الجمعية من وضع مبلغ ” محدد” من المال كلَ شهر، يتساوى فيه الجميعُ، ثم يتناوبون على استلام مجموع اشتراك كل الأعضاء ، هو أمرٌ مباح، بل قد يكون مندوبا؛ لتحقيقه مقصد التكافل، وهو من البر الذي أمرَ الشرعُ بالتعاون عليه ” وتعاونوا على البر والتقوى ”
والأمر المباح لا يحتاج إلى دليلٍ يُثبتُه، لأن المباحَ هو ما سكتَ عنه الشرع وخُير فيه العبدُ بين الفعل والترك، وقد يكون المباح مندوبا أو واجبا أو مكروها أو محرما بحسب ما يطرأ عليه من عوارض أو يحققه من مآلات أو غير ذلك .
والاستدلال بأن هذه الجميعة “قرض جر نفعا ” استدلال غير متجه في تقديري ، فهذه القاعدة – لو سلَمنا بصحتها- ليست بإطلاقها، كما أن النفعَ المترتب على ما يدفعه المُشتَرِكُ في الجمعية من مال، لا يزيد على مجموع اشتراكه، ولم يجر عليه زيادةً على القرض، فلو كانت الجمعية تتكون من 12 عضوا ، والتزم كلُ عضوٍ بدفع مئة دينار شهريا- مثلا- فسيدفع كل عضو 1200 ديناراً في العام، ويأخذ 1200 عندما يأتي دوره،…. وحتى لو كان دورُه الأول، فهو ملتزم بدفع المبلغ كاملا لأعضاء الجمعية إلى نهاية الدورة ، فكأن مَنْ قبضَ الجمعيةَ أولا، قد اقترضَ قرضا مُوزعا على عدة أفراد، وانشغلت ذمته بتسديد ديونهم لكن بآجال وتواريخ مختلفة.
كما أنها ليست من باب أقرضني وأقرضك، الذي نص الفقهاء على منعه، لأن الصورة التي منعها الفقهاء تكون على وجهين : إما اشتراط الشروع في عقد قرض جديد ” بعد” تسديد القرض الأول ، أو ما تفعله بعض البنوك حيث تأخذ من العميل مبلغا من المال ثم تعيده له بعد مدة من الزمن ( ستة أشهر أو عام ) ثم تقرضه مبلغا آخر فوق أصل القرض على أن يعيده تقسيطا،
هذا مختصر المسألة، مع التأكيد على ماذكرته مرارا ؛ أن علينا تجنب المبالغة في سد الذرائع بخاصة في المعاملات المالية ، لأن أنظمة المعاوضات والصرف تعقدت في واقعنا المعاصر كثيرا، وقد يكون سد الذريعة أضر من فتحها ، وفيه من الحاق العنت والحرج ما فيه .
والله تعالى أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم