اجتماعيةعاممقالاتمقالات تربوية

آفة اتباع الهوى.

د. ونيس المبروك

من أعظم القواطع والعوائق بين العبد وربه آفة اتباع الهوى.
بل هو أحد أركان ” المهلكات ” التي قال عنه صلى الله عليه وسلم :” ثلاث مهلكات؛ شُحٌّ مُطَاعٌ، وهَوًى مُتَّبَعٌ، وإِعْجَابُ المَرْءِ بِنفسِهِ”

وقديما قال ابن عباس رضي الله عنه :” إن شر إله عبد في الأرض الهوى !
هو تأويل بديع من ترجمان القرآن؛ لأن الأصنام والطواغيت، لا تُضلك على علم، ولا تختم على سمعك، ولا تطبع على قلبك ولا تطمس بصيرتك ، بينما الهوى يفعل ، قال تعالى :” أفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً
صاحب الهوى لا يمكن أن يكون حرا متجردا موضوعيا لمن يسمع ويقرأ ، فهو يعتقد أولا ثم يستدل ، لا يستدل كي يعتقد، فالدليل عنده تابع لا متبوع !
وهو لا ينقل ولا يكتب ولا يقرأ إلا ما وافق مذهبه وهواه ، فالنصوص عنده خادمة لا مخدومة !
وهو متعصب لشيخه أو مدرسته، أسير أقوالهم ولا يَسقي إلا في دلائهم، فالنتائج عنده تسبق المقدمات ،
وإن لاح له نور في كلام غيره ، تجاهله أو تأوله أو أنكره
صاحب الهوى كما قال عنه القرآن ” أمره فرطا ” … ومن كان أمره فرطا لا يلتزم ولا يلتئم ولا ينضبط ولا يرتبط، فبوصلته ما أشرب في قلبه من هواه وإن ادعى غير ذلك
صاحب الهوى أصابه ” العطب” في جوهر جهاز التلقي والفهم ، ألا وهو القلب ، فطبَعَ اللهُ على قلبه بسبب اتباع هواه؛ قال تعالى :” وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ”
وبهذا نفهم سر تحذير الله تعالى نبيا من أنبيائه ” وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ”
وبهذا نفهم سر تضرع الحبيب المصطفى بقلب منكسر وفؤاد خائف
” ….. اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ”

#_بداية_الإصلاح_وعيٌ .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى