أثر النصيحة في حفظ الشريعة .
د. نجوغو صمب ( السنغال )
وللنصيحة آثار في حفظ الدين عقيدة وشريعة وأخلاقا وسلوكا ، فمتى نصح لله تعالى بتوحيده وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وفي حاكميته ، وبالكفر بالطواغيت ونبذ الأنداد ، كما قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [1] .
ونصح لكتاب الله تعالى بالإيمان به والعمل بما فيها من الشعائر والشرائع ، دون الكفر بشيء منه ، أو ابتغاء الهدى في غيره من الكتب والمصادر الفكرية والعقدية ، كما قال تعالى: { وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ }[2] .
ونصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيمان بكل ما أخبر به وطاعته في كل ما أمر به وترك ما نهى عنه و زجر ، واكتفيت بما جاء به من الهدى دون زيادة أو نقصان ، كما قال تعالى: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [3] .
و نصح لأئمة المسلمين بطاعتهم في المعروف ، وموالاتهم والجهاد معهم لإعلاء كلمة الله تعالى ، والتذكير لهم بما تحملوا من الأمانة والمسؤولية ونهيهم عن الظلم والجور ، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } [4] .
و نصح لعامة المسلمين بتربيتهم وتعليمهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، والإحسان إليهم ، والتعاون معهم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى”[5] .
فإذا فعل ذلك تحققت في المسلمين الخيرية المطلقة ، كما قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } [6] .
ونالوا مرتبة الشهادة على الناس ، قال تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [7] .
ومكن الله لهم في الأرض ونصرهم على أعدائهم ، قال تعالى: { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}[8] .
وهكذا يكون الدين هو النصيحة، في حقيقته وجوهره ومظاهره وتجلياته ، ومقتضياته وآثاره على الحياة والأحياء .
[1] سورة البقرة الآية256
[2] سورة الأعراف ، الآية 170
[3] سورة النساء ، الآية 65
[4] سورة النساء الآية 58
[5] صحيح البخاري ، برقم ( 6011 )
[6] سورة آل عمران ، الآية 110
[7] سورة البقرة ، الآية 143
[8] سورة الحج ، الآيتان ، 40 ، 41