الاستاذ: مصباح الورفلي
لم يكن بحسباننا ما ألمّ بنا من تفرّق كلمتنا وضياع هيبتنا وإهدار مواردنا وهدم بنياننا، والأعظم من ذلك كلّه ضياع أبنائنا، الذين حصدتهم الخلافات والحروب والنزاعات.
الأمر الذي يستدعينا للتفكير مليًا وطرح تساؤلات عميقة تحتاج إلى عقول راجحة وراشدة تجيب عليها؟؟؟ إلى أين نحن نسير بالبلاد؟ وما المستقبل الذي ينتظرنا وأبناءنا والأجيال اللاحقة؟ تساؤلات نطرحها ونحن نستحضر صور الأجداد والآباء، تاريخهم وبطولاتهم، وتوافقهم الذي جلب للبلاد استقلالها وعزّز أمنها واستقرارها ووضعوا رؤية ثاقبة لمستقبلها، سدّوا بذلك أبواب التفرقة والانقسام، كأننا لسنا من تلك الجينات ولا اقتدينا بهم ولا اتخذناهم قدوة حسنة.
عقد مضى ونحن نخوض في بطون الخلافات تتقاذفنا أمواجها مع تزايد حدة التجاذبات وسط سيل البراغماتية النفعية الهادر الذي هوى بنا إلى مهاوٍ سحيقة لم ندرك عواقبها الوخيمة إلا متأخراً. وأن تصل متأخرا خير من ألاّ تصل، والوصول إلى نقطة كفى عبثا تحتاج إلى رجال رشداء يولون أهمية لمصلحة الوطن ووحدة أراضيه
لهذا لابد أن يدرك الجميع أن الحرص على الوحدة الوطنية والإحساس بالمصلحة الجامعة والمسؤولية التاريخية، بات ضرورة للوقوف بوجه كل المحاولات والمؤامرات التي تستهدف وحدة أراضينا وانقسامنا ولا بد من اعتماد لغة الحوار في حل كل أشكال الخلافات، والابتعاد عن مسلك الحروب والاقتتال، فالحوار الوطني هو السبيل الوحيد لتذليل العقبات والوصول إلى التوافق المنشود.
ما نأمله اليوم هو الوصول للتوافق الذي يبعد عنا شبح الحرب والاقتتال والدمار، يمهّد لمصالحة وطنية تجبر الضرر وتجلب الحقوق وتحقق العدالة الانتقالية، توافقاً يصنع استقرارا حقيقيا وفق قاعدة دستورية تنطلق منها انتخابات رئاسية وتشريعية تكسر جمود الانقسام السياسي، وتحقق تطلعات شعبنا الذي استبشر خيراً بها لعلها تأتي بجديد يفتح أمامنا جسور التفاهم والتقارب ويذيب جليد الخلافات ويشيع فيما بيننا ثقافة الحوار والتسامح والتعايش ويرمم جدار الموثوقية المتهالك، من أجل إنقاذ ما تبقى من كرامتنا وهيبتنا ومكانتنا عربيا وإقليميا ودوليا …