الكلمة الأسبوعية

إلاَّ كِتَابَ الله

بسم الله الرحمن الرحيم
من حين لآخر؛ تظهر علينا حملة تشويه أو إهانة لأحد مقدسات الإسلام مرة في هذا البلد أو ذاك، هذا غير الانتهاكات التي تحدث في بلاد كثيرة تجاه المسلمين أنفسهم، سواء بالقتل أو بالتشريد أو غيره، فمن القدس إلى الضفة، ومن الإيغور بالصين إلى المسلمين في كشمير، وما يحدث في بلاد الرافدين والشام ليس بخاف على أحد.
في هذه الأيام يرى العالم ويسمع هذا الاستخفاف والإهانة بأعظم مقدسات المسلمين؛ كتاب الله العليم الحكيم، القرآن الكريم حيث أُحرق المصحف الشريف في بلاد السويد أمام سفارة دولة مسلمة، وبعدها في هولندا، يتم ذلك ليس بالخفاء أو من مجهولين بل جهارا نهارا أمام كاميرات التصوير، وتحت حماية الشرطة وبمعرفة حكومات تلك الدول.
لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار ذلك نوعا من حرية إبداء الرأي وحرية التعبير أو النقد الحر، وذلك لعدد من الأسباب:
• الحرق والإهانة والاستهزاء ليس تعبيرا عن رأي أو نقدا لفكر أو غير ذلك، ولكنه نوع من الاحتقار والإذلال الذي لا يقبل به أحد.
• النقد والرأي يوجه إلى الفكر وبأسلوب علمي مبني على الأدلة والحجج، ولا يكون بإطلاق الكلام جزافا.
• مبدأ الكيل بمكيالين مبدأ مرفوض عقلا ومنطقا وقانونا، فلماذا عندما يستخدم ذات الأسلوب مع ملل أو أمم أخرى ينتفض الكثير منددين ومطالبين بإنزال العقوبات، ووصم من قام بهذا العمل بالإرهاب والإفساد في الأرض، بل وتسن القوانين لمنعه، وما قضية قانون معاداة السامية، وقصة الهلوكوست إلا مثالا من الأمثلة، وعندما تهاجم قوات الكيان المحتل في فلسطين الأراضي الفلسطينية وانتهاك حرماتها يعتبر دفاعا مشروعا، بينما قيام شاب فلسطيني بالدفاع عن أرضه وعرضه عمل إرهابي؟؟؟؟
لا شك أن مثل هذه الأعمال من تشويه وإساءة واعتداء على الحريات أمر مستنكر كائنا من كان القائم به، ويجب الوقوف بقوة أمامه، ولا يليق بالإنسان في القرن الحادي والعشرين أن يعيش حياة الغاب، يسيطر فيه قانون القوة والغلبة بدل قانون العدل والحرية الحقيقية، وفي الحقيقة نحن المسلمون الملامون على ما يحدث لنا، فما كان الغرب والشرق ليطغى ويستخف بنا لولا ضعفنا وتفرقنا، ولنتذكر الحديث الشريف عن ثوبان، قال: قال رسول الله ﷺ: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن ؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت». فضعفنا هو سبب رئيسي في ظهور هذه الحالة.
في الوقت الذي نستنكر فيه وندين هذه الأعمال جميعا، فإننا ندعو المسلمين شعوبا وحكومات إلى:
• التعبير عن استنكارهم وتنديدهم بهذه الممارسات، واستعمال كل الأساليب القانونية المحلية والدولية لمنع تكرار مثل هذه الأمور، ولابد من اعتذار كل من صدرت عنه مثل هذه الأعمال.
• مقاطعة منتجات تلك الدول التي حدثت بها هذه الأعمال، حتى يقدموا الاعتذار الواضح لكل دول العالم الإسلامي.
• لابد للشعوب أن تضغط على حكوماتها لكي تقوم بالدور المطلوب منها.
لا يمكن الاستهانة والتقليل من شأن هذه الممارسات المشينة تجاه ديننا وأمتنا، فنحن نرى إلى أي مدى هم مستمرون في غيهم وطغيانهم، ولا نستهين بما لدينا من قوة وإمكانات نواجه بها هذا الأمر، فمبدأ المقاطعة – لو تبنّته الشعوب _ سيضعف القوة الاقتصادية لتلك الدول، ويدفعها للتراجع عن مواقفها، وهو أمر لن يكلفنا الكثير، فالبدائل موجودة في كل مكان، ولو عملت الدول الإسلامية سويا لكان في ذلك الكفاية وزيادة.
إنها حميّة الدين، وصدق الإيمان، وقوة اليقين بالحق الذي نحمله، وإن هذا هو حق ديننا ونبينا وكتابنا علينا، وهو واجبنا تجاه أمتنا، فإن فعلنا فقد أعذرنا، وإلا فاللوم أولا وأخيرا علينا “فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى