أخبار الجمعيةاجتماعيةالكلمة الأسبوعيةرمضانياتسلسلة رمضانياتعاممقالاتمقالات تربوية

استقبال رمضان شهر القرآن والجهاد

بسم الله الرحمن الرحيم

يهلّ علينا الشهر المبارك، الذي وصفه النبي ﷺ بأنه: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين). وقال أيضا في فضله: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
هذا الشهر هو شهر القرآن، حيث ذكر أبو هريرة رضي الله عنه أن: (جبريل كان يعرض على النبي ﷺ القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه)، وكان دأب الصالحين من الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام أن يتفرغوا للقرآن في رمضان.
هذا الشهر هو شهر الصبر والجزاء الأوفى من المولى سبحانه وتعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، الحديث.
هذا الشهر هو شهر الجهاد والصبر، ففيه كانت غزوة بدر الكبرى، التي سمى القرآن يومها بالفرقان، وفيه فتح مكة، وكثير من ملاحم النصر والجهاد في تاريخ الإسلام، مثل: القادسية، وفتح بلاد الأندلس، وعين جالوت، وحطين.
هذا الشهر هو شهر التكافل والتراحم وحسن الخلق ففي الحديث: (فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم)، وقوله ﷺ: (من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجرِه غيرَ أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا)، وفي نهاية الشهر يخرج الصائم زكاة الفطر عن نفسه وعمن يعول، وقد وصفها ﷺ بأنها: (طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين).
هذا الشهر يجمع كل هذه الأمور، وتتعلق به كل هذه العبادات، وحرِيٌّ بالعبد الصالح أن يحرص على أن يجاهد نفسه، وأن يضرب في كل غنيمة بسهم، وألا يحرم نفسه أبواب الخير والنوافل، ما أمكنه ذلك، ويكون له في كل يوم من أيام رمضان مساهمة في جانب من جوانب الخير والفضل، ففي يوم يساعد الفقير والمحتاج، وفي يوم آخر يسعى في حوائج العباد، ومرة أخرى ينصر مظلوما أو يردع ظالما، وهو مع كل ذلك صائم قائم يذكر الله تعالى، ويتجنب مساخطه، فمن لم يستطع فلا أقل من أن يكف لسانه ويده عن أذى المؤمنين.
إن الأمة في هذه الأيام تعاني معاناة شديدة، فهذه غزة خرجت من الحرب الظالمة، التي شنتها قوات الاحتلال عليها بجراح وفَقْدٍ في الأموال والأنفس، وتحتاج إلى مساعدة كبيرة في إعادة إعمارها، وتجنيب أهلها مشروع التهجير الذي يحاول العدو أن يحققه بالسياسة، بعد أن فشل في تحقيقه بالقوة والتدمير، وهؤلاء إخواننا في السودان أصابهم الضر والتهجير والقتل والتشريد، ومنهم عدد كبير قد تركوا ديارهم واستجاروا بنا، وهم في أشد الحاجة إلى أن نمد لهم يد العون والمساعدة، وهذه بلادنا التي أصابها الضر وتفشى فيها الظلم والفساد، وظهرت الحاجة على وجوه الكثير من الناس، وهذا لا شك يحتاج منا إلى وقفة جادة ومواجهة قوية لإيقاف تسارع قطار الفساد والسرقات وانتهاك ثروات وحقوق البلاد والعباد، وهنا ينبغي أن ينظر كل واحد منا إلى حاله؛ ويحرص على ألا يكون مشاركا في هذا الفساد، بل ينبغي أن يكون ممن يواجهه بما استطاع من قوة، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، مدركين أن قواعد بناء الأمم وقوتها هو قوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ اِ۬لْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِۖ﴾، وضعفنا في مواجهة المنكر وإيقافه يساعد في تضخمه وزيادة انتشاره مما يكون سببا في هلاك الأمم والشعوب ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اَ۬للَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَيٰ قَوْمٍ حَتَّيٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾، ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا اَ۬لْقَوْلُ فَدَمَّرْنَٰهَا تَدْمِيرا﴾، ولتكن القاعدة الذهبية التي نرفعها هذا الشهرَ المبارك أن نصلح أنفسنا، وندعو غيرنا ونقف جميعا في مواجهة الظلم والظالمين، ونطمع بعد ذلك في توفيق الله وعونه، وثقتنا في الله عظيمة ولا يخيب الله رجاء العاملين: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأ وَلَا نَصَب وَلَا مَخْمَصَة فِي سَبِيلِ اِ۬للَّهِ وَلَا يَطَـُٔونَ مَوْطِئا يَغِيظُ اُ۬لْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوّ نَّيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَل صَٰلِحٌۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ اَ۬لْمُحْسِنِينَۖ﴾ وكفى بالله هاديا ووكيلا ونصيرا.
بارك الله لنا ولكم جميعا في رمضان، ووفقنا فيه وإياكم للطاعات وأعمال البر والخير وتقبله منا، اللهم سلمنا لرمضان وتسلمه منا وسلمنا فيه، وقد عفوت عنا وغفرت لنا ورحمتنا برحمتك يا أرحم الرحمين، والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى