الإيمان وصحة النفس

الإيمان وصحة النفس
بقلم الشيخ: عبداللهالسكرمي
كلُّ إنسانٍ في هذه الحياة يبحث عن السلام.. عن تلك اللحظة التي يضع فيها رأسه على وسادته فينام وهو مطمئن، لا يخاف من الغد، ولا يندم على الأمس.
لكن كثيرًا ما نبحث عن هذا السلام في الأماكن الخطأ؛ في المال، أو الشهرة، أو المتع العابرة. ثم نكتشف – بعد طول جهد – أن الطمأنينة ليست فيما نملك، بل فيما نؤمن به.
نعم، حين يسكن الإيمان أعماق القلب، يزهر فيه الأمان، ويهدأ ضجيج النفس، هناك فقط، يبدأ السلام الحقيقي.
الإيمان نورٌ يسكن القلب، يُعيد ترتيب الفوضى في الداخل، ويُوَحِّد الاتجاهات المتناقضة في النفس.
حين يؤمن الإنسان بربٍّ واحدٍ حكيمٍ رحيم، تتوحّد ذاته بعد أن كانت ممزّقة بين رغباتٍ متضاربة وأهواءٍ متناقضة.
فالإيمان يمنح النفس اتساقًا داخليًّا بعد انقسام، وانسجامًا بعد صراع، وسكينةً بعد قلق.
إن النفس غير المؤمنة تظل في حربٍ مع ذاتها، لأنها لا تعرف لِمَ خُلِقت، ولا إلى أين تسير.
أما المؤمن، فقد عرف الطريق؛ عرف من أين جاء، ولماذا يعيش، وإلى أين المصير.
ولهذا تجده أهدأ من غيره، وأثبت عند الشدائد، وأقرب إلى الرضا والتوازن.
الإيمان أيضًا يمنح النفس رضا ويقينًا، فالمؤمن لا يعيش أسيرًا للنتائج، لأنه يعلم أن وراء كل قدرٍ حكمة، وأن الله لا يختار لعبده إلا خيرًا، ولو لم يفهمه الآن.
ومن الرضا يولد الأمان، ومن الأمان يُزهِر الأمل.
إن أعظم ما في الإيمان أنه يجعل الإنسان يتعامل مع الحياة بطمأنينة العارف بالله، لا بخوف الجاهل بالمجهول.
فمن وضع حياته على طريق الله، وسار بها وفق منهج الله سلم قلبه من القلق، وسلمت نفسه من التمزّق. {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}، ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾، {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}.
وإذا سَلِمَت النفس، سَلِم الجسد، واستقامت الحياة كلّها.
نسأل الله أن ينزل في قلوبنا سكينته وينشر علينا فضله ورحمته.