الكلمة الأسبوعية

الاتفاق والخروج من الأزمة الراهنة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سبق وأن تحدثنا عن أهمية وضرورة الوصول إلى توافقات تجمع كل أبناء شعبنا الكريم، حيث تتيح هذه التوافقات الوصول إلى تكوين جسم موحد يدير شؤون البلاد ويحقق مصالحها، ويحل الإشكاليات التي تواجه الوطن والمواطن.
ما الذي يقف في وجه هذه التوافقات؟ وما الذي يمنع وقوعها؟ وما الذي يمنع من اللقاء والحوار؟ ولماذا نكيل التهم لبعضنا بعضًا؟
لا شك أن هناك عددا من العوامل:
أولاها: ضعف –إن لم نقل انعدام– الثقة المتبادلة، فزيادة الثقة تسهل اللقاء، وتدعم الحوار، وتقوي إمكانية الوصول إلى رأي موحد مقبول من الجميع، والعكس كذلك. والواضح أن هناك من يعمل من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية لزيادة هذه الهوة وإضعاف هذه الثقة، بل وإيصالها إلى مرحلة العداء المستحكم بين الأطراف، وقد وصل بهم الأمر إلى زرع مبدأ عدم الثقة بين أبناء التيار الواحد والجهة الواحدة والمنطقة الواحدة، والواقع شاهد على ذلك، ويراه كل ذي عين مبصرة.
ثانيها: الحلول المطروحة غير مطمئنة والضمانات لتحقيقها غير موجود، فقد طرحت العديد من الحلول سابقا، ولكنها لم تجد من يدفع إلى تحقيقها بقوة، بل كان التخوف من الاستئصال والإبعاد هو الظاهر، ولذلك تحرص كل جهة على الاستمرار في موقفها، وعدم التنازل بأي صورة، لأنها تشعر بأن المقصود هو القضاء عليها بمجرد تخلِّيها عن مركزها وعنصر قوتها، كما أن هناك أسبابا أخرى حالت دون تحقيق الحلول؛ أبرزها عدم وجود ما يحقق العدل ويعيد الحقوق إلى أهلها، وغياب الطرف الضامن، الصادق في ضمانه، القادر على تنفيذ أي اتفاق. حتى المجتمع الدولي ممثلا في البعثة الأممية غير واضح في مواقفه ودعمه لمشروع الاستقرار، اللهم إلا تلك البيانات التي تدعو، وترجو، وتأمل، وتعبر عن القلق فقط دون وجود أي شيء ملزم لتنفيذ الاتفاق.
ثالثها: الصراعات الدولية والإقليمية، وتضارب مصالحها في ليبيا، قد انعكست بصورة واضحة على واقع الصراع السياسي داخل البلاد، وهو أمر مُتوقَّع ومفهوم، لأن كل الدول تسعى لتحقيق مصالحها دون اعتبار لمصالح البلاد الأخرى، وهنا لابد أن ندرك أنه ( لن يَحُكَّ جلدك مثل ظفرك)، وهذا يلقي باللائمة علينا -نحن الليبيين- دون غيرنا، ولا ننتظر من أحد أن يقف معنا إلا بالقدر الذي يحقق مصالحه، فيجب علينا أن نحدد الطريق التي سنسلكها، والوسائل المستخدمة للوصول إلى مرادنا، كما أنه من الضروري تجاوز مشاكلنا، والنظر إلى المستقبل بعين الأمل والتفاؤل.
لا شك أن أول خطوة للتقارب هو إقرار كل من ثبت خطؤه، وأن يتحمل المسؤولية كاملة، ويقر بالحقوق التي عليه، ومن ثم يمكن القول أنَّ الحوار واللقاء أصبح ممكنا، بل ومثمرا ومحققا للمطلوب، فالحوار هو الوسيلة المثلى للوصول إلى اتفاق يضمن تحقيق المصالح المرجوة وإقامة العدل وجبر الضرر.
هنا من الضروري أن نشير إلى ضرورة وجود طرف مقبول من الجميع يُشرِفُ على هذه العملية برمتها، ويحظى بثقة الجميع والكل مستعد لأن يلتزم بما يصدر عنه.
نحن، ونحن الليبيون فقط، من يمكنه تحقيق هذا الحوار والوصول إلى الإنجاز المطلوب، فهل يأتي الوقت الذي نجتمع فيه في مكان واحد تحت سقف واحد، وكلنا عزيمة وإرادة قوية في الوصول إلى اتفاق. “ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى