عاممقالاتمقالات الرأي

الاهتمام بقضايا الأمة والشأن العام أمر لابد منه للمفتي أو الداعية

أ. وليد المغربي

الاهتمام بقضايا الأمة والشأن العام أمر لابد منه للمفتي أو الداعية، وهو إن حبس نفسه بين الكتب أو بين العبادات الفردية كان كمن خان الأمانة، وتجاوز عُرى الإسلام الأخرى، وغفل عن بقية أحكامه!.

غير أن الاهتمام بالشأن العام شيء والإغراق في تفاصيله من بعض المشايخ شيء آخر، حتى صاروا أشبه بالمحلّلين السياسيّين، يدلون بدلائهم في الشأن العام تخرصًا وانصطباعات وتلفيقًا من هنا وهناك، ومعلومات مغلوطة، وهذا يسيء لهم، ويقلّل من مكانتهم.
زد على ذلك أن الدّخول المتكرّر لبعضهم في ( تفاصيل الشأن السياسي) وتنزيل القواعد الشرعية والأحكام الفقهية على هيئات وأشخاص معيّنين، قد يُوقعهم في الحرج والتناقض، فتجدهم عند تقييمهم لأشخاص مختلفين فعلوا الأفعال نفسها، يخوّنون ويلمزون ويسبّون، بينما إن فعل سياسي آخر مثل الذي فعل الأول، رأيتهم يتجاوزون عن ذلك، أو يخفّفون اللهجة، ويلطفون العبارة، والفعل نفس الفعل، بل ربما أشدّ وأنكى!.

ربما ذلك بسوء ظنهم في الأول وحسن ظنهم في الثاني، أو لتبريراتٍ يقولونها، لكنّ فعلهم في الظاهر تناقض، ويُعدّ تطفيفًا في الموازين و ازواجيةً في المعايير!

والأولى منهم الحديث عن المبدأ العام، والأفعال والمواقف، وهو أسلم لهم ولدينهم ولأعراضهم!.

وقد يكون للدخول في التفاصيل السياسية استثناءات في بعض الأوقات وفي بعض المواقف المفصليّة، وتلك تقدّر بقدرها.
لكنّ المشكلة إذا كان سلوكًا ظاهرًا ومستمرًا!.

الأسلم لهم وللخطاب الدعوي والإفتائي الحديث عن المواقف والأفعال، و أن يقولوا مثلا: مَن يفعل كذا هو كذا، أو ذلك الفعل لا يجوز سواء كان سياسيًا أو اقتصاديًّا أو غير ذلك، بغض النظر عمّن فعله!.

وقد رأينا تناقضًا صارخًا من بعض المشايخ الكرام، ما جعلهم في مرمى سهام الناس، ووضعوا أنفسهم موضع التّهم وأساء الناس بهم الظنونَ، وإن كانوا بُرآء من ذلك، ولكن مَن وضع نفسَه مواضع التّهم لا يلومنّ إلا نفسه!.

لا حاجة للتّذكير أن واجب العلماء البيان، وأنّ الفتوى تتناول الشؤون كلّها، فما من عمل إلا ويدخل في الأحكام التّكليفية الخمسة.
ولكن التنزيل لا يحسنه الجميع؛ لأنه يتطلب أمورًا وأدواتٍ، وتَخيُّرًا للأوقات، وانتقاءً للكلمات، ودرايةً بالواقع، إضافة إلى الحكم الشّرعي الوضعي؛ معرفة الأسباب والموانع والشروط، وقد لا تكون هذه الأمور عندهم…

والحديث ليس عن قضايا الأمة الكبرى وقضاياها المُلحّة، وإنما عن التفاصيل السياسية اليوميّة والمتكرّرة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى