التدبر القرآني وأثره في التربية (12)
أ. محمد العوامي
“أهمية القيادة الراشدة في أزمنة الظلم الصعبة”(*)
في الأزمنة الصعبة، التي يعاني فيها الناس من الظلم والقهر، تصبح القيادة الراشدة أكثر أهمية من أي وقت مضى.
فالقيادة الراشدة هي التي تقف في وجه الظلم، وتدافع عن حقوق المظلومين، وتسعى لتحقيق العدل والرخاء للجميع.
ولعل الآية الكريمة {وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75]، هذا الدعاء الذي دعا به المستضعفون في مكة المكرمة، يبين لنا أهمية القيادة الراشدة في أزمنة الظلم الصعبة.
فالمولى سبحانه وتعالى قد استجاب دعاءهم، وأرسل إليهم رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكان وليًا لهم، وناصره على أعدائه.
“فهم ابن عباس رضي الله عنه الآية فقال: «يُرِيدُونَ اجْعَلْ عَلَيْنَا رَجُلًا مِنَ المُؤْمِنِينَ يُوَالِينَا وَيَقُومُ بِمَصَالِحِنَا وَيَحْفَظُ عَلَيْنَا دِينَنَا وَشَرْعَنَا»،
فأجاب الله تعالى دعاءهم لأن النبي عليه الصلاة والسلام لمّا فتح مكة جعل عتاب بن أسيد أميرا لهم ، فكان الولي هو الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان النصير عتاب بن أسيد، وكان عتاب ينصف الضعيف من القوي والذليل من العزيز.”(**)
“تأمل هذا وانظر حال الأمة لترى حسرة المسلمين اليوم بسبب حال كثير من قادتهم.”(*)
فالولاية هي القرب والنصرة، والنصير هو الذي يدافع عن غيره ويحميه. وبذلك، فإن طلب المستضعفين من الله تعالى أن يرزقهم وليًا ونصيرًا، يعني طلبهم لقيادات راشدة تدافع عنهم وتحميهم من الظلم والقهر.
تبين هذه الآية أهمية القيادة الراشدة في هذه الأزمنة الصعبة وتتمثل في عدة أمور، منها:
□ حماية حقوق المظلومين: فالقيادة الراشدة هي التي تقف في وجه الظلم والقهر، وتدافع عن حقوق المظلومين، وتسعى لتحقيق العدل والمساواة للجميع.
□ تحقيق المصالح العامة: فالقيادة الراشدة هي التي تسعى لتحقيق المصالح العامة للمجتمع، وتضع خططًا وبرامجًا تلبي احتياجات الناس وترفع مستوى معيشتهم.
□ بناء الدولة العادلة: فالقيادة الراشدة هي التي تبني دولة عادلة تقوم على أساس العدل والمساواة والحرية، وتحمي حقوق الإنسان.
ولذلك، فإن الحاجة إلى القيادة الراشدة في الأزمنة الصعبة هي حاجة ماسة، لا يمكن الاستغناء عنها.
فالقيادة الراشدة هي التي يمكن أن تقود المجتمع إلى الرخاء والازدهار، وتحميه من الظلم والقهر.
ولعل من أهم ما يمكن فعله لتعزيز أهمية القيادة الراشدة في المجتمع، هو:
○ توعية الناس بأهمية القيادة الراشدة: وذلك من خلال الخطاب الديني والإعلامي والتعليمي، لتوضيح دور القيادة الراشدة في المجتمع وأهمية وجودها.
○ إعداد قادة راشدين: وذلك من خلال تطوير المناهج التعليمية والبرامج التدريبية، لتأهيل الشباب لتولي المناصب القيادية.
○ دعم القيادة الراشدة: وذلك من خلال الامتثال لأوامر القيادة الراشدة، والمشاركة في دعمها ومؤازرتها.
فإذا أردنا أن نعيش في عالم عادل وحر، فلا بد أن نسعى لبناء قيادة راشدة، تدافع عن حقوق المظلومين، وتسعى لتحقيق العدالة والحرية للجميع.
(*) للاستزادة يراجع تفسير هذه الآية للدكتور عبد السلام المجيدي
(**) تفسير مفاتح الغيب للرازي.