أ. مصباح الورفلي
ليس تهويلا للأمر إلى حدّ القتل، وإن كانت تعدّ من أدوات الشروع فيه بطريقة لا يلقي قائلها بالاً، بقدر ما هو تنبيه لخطورتها على صعيد المجتمع والدولة والأمن الاجتماعيّ بالذات؛ لما تسببه من إثارة للبلبلة في أواسطه ما يؤدي إلى انقسامه والتأثير فيه سلبًا، وتلقي بصاحبها في غياهيب مظلمة في حياته الدنيوية وفي الآخرة.
كما جاء في الصحيحين عن رسول الله ﷺ “…..وإن العبد لَيَتَكَلَّمُ بالكلمة من سَخَطِ الله تعالى لا يُلْقِي لها بَالًا يَهْوِي بها في جهنم”
نعم هي كلمة وقد تكون من رضوان الله أو من سخطه يتلفّظ بها الشخص أو تكتبها أصابعه في الفضاء الافتراضي يمس بها عرض شخصية ما أو جهة ما أو هيئة ما اعتبارية كانت أم غير اعتبارية؛ سواء كان بقصد أو بغير قصد فتثير زوابع وتؤجج الرأي العام بخاصة إذا كانت الشائعة تمسهم جميعا وتنال من مصالحهم أو مصالح الدولة بصفة عامة..
للأسف باتت وسائل تواصلنا غرفا وصفحات لنقل كل ما يكتب ويروّج من أخبار دون تبيّن من صحّتها والتأكد من مصادرها، فتتهافت عليها الإعجابات والمشاركات لنشرها على نطاق أوسع. كانت سببا في ظلم الأشخاص والهيئات فتعرّضوا على إثرها للأذى؛ فمنهم من زهقت روحه، وهدر دمه، وصودرت واغتصبت أملاكه، ونالوا من عرضه وسمعته.
فكم من شائعة تلقفناها من هذا الفضاء عطّلت مصالح عامة، وأغلقت الطرقات، وأقفلت جهات خدمية اجتماعية وصحية، وسببت خسائر للدولة وصلت إلى المليارات، كلها بسبب كلمة أو مقالة كتبت أو قالها فاسق لم يدرك عواقبها الوخيمة على البلاد والعباد..
أخي احذر أن تطلق الرصاصة الشائعة القاتلة دون أن تدري، واعلم أن شائعة اليوم ليست شائعة الأمس، محصورة في نطاق ضيق تتداول بين أشخاص معينين تأخذ وقتها وتختفي، وإنما شائعة اليوم في زماننا بحضور معظمنا على وسائل التواصل الاجتماعي التي تجمع الآلاف من المتابعين فمجرد كتابتها أو نقلها؛ نقتل شخصًا، وننال من هيئة، ونشوّه شريفًا، ونشرخ نسيجنا، ونهدم جدار الموثوقية، ونبذر الشكوك، وننزع الطمأنينة، ونبث اليأس والإحباط، ونطفئ جذوة الأمل والمستقبل لبلادنا..
أخي..ساهم في نشر الخير، وتحرّى الصدق، وتبيّن قبل أن تكتب، ولا تطلق لوحة مفاتيح جهازك الرصاصة القاتلة “الشائعة”.