مقالاتمقالات فكرية

المخاطر الإستراتجية لتيار التعويق “2”

 

 

د. إبراهيم الديب

محاولات فرض فكرة الاستضعاف و الإستسلام للقوة الأمريكية الخارقة ، ونظمها الاستبدادية القابعة على حكم دولنا الإسلامية وتعويق مسارات الإصلاح والتغيير الجارية لاشك أنه لن يوقف المد الإسلامى التحرري القادم ، ولكنه بلا شك قد يشتت ويعطل ويؤخر لذلك لابد من الوعى والانتباه لمخاطره الإستراتيجية حتى نسارع جميعا لحشد الجهود لكشفه وإيقافه :

1ــ تشتيت الأفكار وصناعة معاركة جانبية مع المصلحين الحقيقيون تستنزف جهودهم وتصرفهم عن الواجب فعله

2 ــ خفض سقف الطموح وتثبيط الهمم والعزائم و الثبات والمقاومة والعمل التجديدي والإصلاحي

3ـ توريث مفاهيم الهزيمة والاستضعاف والاستسلام إلى الشباب وتحويلهم إلى الشيخوخة المبكرة

4ـ استقواء تيار التعويق وتوسعه والتمكين له في مؤسسات ومواقع كبيرة مؤثرة تمثل حجر عثرة أمام تيار الإصلاح

5ـ صناعة بوصلة وهمية تشتت الجهود نحو السراب وتكريس الضعف والهزيمة

6 ـ حصار ومحاربة ووأد الكثير من المبدعين المجددين فى مجالات الإصلاح المختلفة والذين يمكنوا أن يمثلوا قاطرات للتجديد وإصلاح وتحرر الأمة في مجالات متعددة

7ـ الاستمرار في تصعيد وتقديم نخب وقيادات وهمية تعزز وتكرس الضعف والهزيمة ، وترفع تكلفة الفرصة البديلة في حال فتح المجال للنخب والقيادات المبدعة المجددة القوية الحقيقية

8 ــ تحولهم من تيار للإصلاح إلى تيار للتعويق يرسخ أزمة الضعف والتبعية وتكريس الاستبداد

أهم الاسباب

1ــ التربية في دولة الاستبداد، كما يتربي الأسد في قفص، ليتحول الجيل الثانى منه إلى قطة في شكل أسد

2ــ الاختراق الفكرى والدينى المزيف الذى عمل على نزع أسباب القوة في الإسلام خاصة الجهاد والحكم والعمل والابتكار

3ــ حرب المفاهيم وتلبيس المفاهيم والمعتقدات على المسلمين ، فتم تسمته الاستبداد والطغيان بحكم المتغلب وتجريم الجهاد وتسميته بالإرهاب و تذويب مفهوم الكفر و الكافرين وتسميته بالرأي الآخر والنظام الدولى واللواط والسحاق إلى المثلية والربا إلى فوائد بنكية ، والخمر الى مشروبات روحية ، والمخدرات الى مكيفات وهكذا

4ــ ضعف ثم مشاركة وتآمر بعض النخب وقبول التنازل والإستجابة لمطالب الكافرين

5 ــ تمكن النظام الدولى وعملاؤه من تدجين عدد من الحركات الإسلامية الإصلاحية وتحويله إلى جماعات وظيفية لحسابه

الجزء الثالث : مناقشة أفكار التعويق

حتى الآن لم نتكمن فكريا من الإجابة على أهم الأسئلة الكبرى التى تواجه المشروع الإسلامى وفي مقدمتها سؤال العدو وحقيقة الصراع ، والمرجعية الواحدة والوحدة والاحتشاد والتحرر من الاستبداد …. الخ بمعنى أن أزمتنا فكرية بامتياز ، أى أن واجب المرحلة هو الجهاد الفكرى اللازم لإنتاج إجابات وحلول متنوعة حتى نتمكن من الخروج من أزمتنا .

في هذا السياق العام الذى يرسم ملامح المرحلة يجب أن نفكر حين ننقاش أفكار ومقولات تيار التعويق حتى لا نستدرج لمسارات جانبية أو تفصيلية تذهب بنا بعيداً عن الواجب كشفه وتصويبه .

وسأكتفي هنا بذكر النصوص القرآنية المحددة بينة الدلالة ، تاركاً التفصيل لموضعه .

1ـ إدعاء القطرية بديلا عن الأمة الإسلامية الواحدة ، فلابد من تعريف ذاتنا ــ من نحن :

( إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ( الأنبياء 92

(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ..) البقرة 143

 ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ..) آل عمران 110

 (وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ) المؤمنون 52

ومن أرد أن يستسلم ويرضى بتقسيم سايكس بيكو، ويتماهى ويعمل بإرادة النظام الدولى

فعليه ما اعتقد واختار،وليغلق عليه لسانه وبابه ولا يفتن غيره .

2ـ إدعاء اختزال الصراع كونه صراع مصالح ، لصرف المسلمين عن رسالتهم الحقيقية في الارض وتخديرهم وتفريغ وشل حركتهم تمهيدا لنحرهم والتخلص منهم ، فلابد بالتذكير برسالة المسلمين في الحياة وبجوهر الصراع من كتاب الله تعالى الحق المبين :

ــ (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) هود 61 وأول العمارة نشر وتمكين الدين

ــ ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاَرْضِ خَلِيفَةً ) البقرة 29

ــ (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الاَرْضِ كَمَا اَسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ)النور 53

ــ ( وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة 217

3ـ ادعاء واستمراء الاستضعاف فلابد من التذكير بمن هم المؤمن بالله ومن هو حزب الله ومن هم جنود الله تعالى العزيز الحكيم الغالب القاهر

ـ ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) المنافقون 8

ــ (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَٰلِبُونَ ) الصافات 173

ـ (أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة 22

ــ (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ) الشورى 39

ــ (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ

لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) الأنفال 60

4ـ ادعاء الانفتاح على الثقافات وتكامل وإندماج الثقافات والهويات ، خاصة أنها تجارب ناجحة ، فلابد أن نذكر بوحدة المرجعية والتفرد والخصوصية والمفاصلة وإعلان وبيان ذلك للعالمين

ــ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) ) سورة الكافرون

ــ (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)) القلم 9

ــ (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء65

ــ (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً) الجاثية

5ـ حالة التحول إلى معارضة تعترف بالنظام ، وهى جزء منه لا تخرج عليه ، فلابد أن نبين ونذكر بعدم الاعتراف بالباطل ووجوب الخروج عليه .

ــ (وَلَقَد أَرسَلنا موسى بِآياتِنا أَن أَخرِج قَومَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ وَذَكِّرهُم بِأَيّامِ اللَّـهِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكورٍ) إبراهيم 5

ــ (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) طه 44

ــ (قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين ) القصص 17

ــ (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) هود 113

6 ــ حالة الركون إلى الدنيا والتخلى عن الإعداد وامتلاك أسباب القوة ووقف وردع الكفر والطغيان وإتخاذ المسار السياسى المجرد من أسباب قوته وأدواته فعله سبيلا واحد ، فلابد أن نبين ونذكر أن ذلك ما هو إلا أداء دور وظيفي في خدمة النظم المستبدة وتكريس وجودها وتعزيز قوتها .

ـ (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) الأنفال60

كل ذلك أدى إلى كوارث إستراتجية مركبة وكبيرة

1 ــ الرؤية الخاطئة للصراع مع المشاريع العالمية وتحديدا المشروع الأمريكى المسمى بالنظام العالمى الجديد على أنه صراع مصالح وليس صراع كفر وإيمان ممثل في مشروع بديل عن المشروع

الاإسلامى الواجب إقامته في الأرض ( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ) الشورى 13 والذى تبينه الآية الكريمة بكل وضوح وتحديد ودقة وفق أهم دلالات الآية الكريمة :

2 ــ الضبابية وعدم معرفة العدو والأعداء الحقيقيون المتخفين

3ــ الاختراق الفكرى والثقافى والدينى

4ــ الوقوع فريسة لمحاولة تفريغ الإسلام من أهم أسباب قوته ، وهو ركن الجهاد ورد ودفع العداء بكل أسباب القوة المتاحة ، وهناك فارق كبير بين تعدد وتنوع استخدام أساليب القوة الناعمة والصلبة والمختلطة في وقتها ومكانها بحسب موازين القوة وحسابات النصر ، وبين الاستجابة لمؤامرة الغرب على الإسلام واتهامه بالإرهاب وتشويه فكرة الجهاد ووجوب دفع الضرر وتحقيق الردع ، ثم الإستسلام للتخلي عن واجب الجهاد في سبيل الله تعالى وما يتطلبه من أشكال إعداد مختلفة والقبول بالعيش الذليل المهين تابعا للغرب ، محلا لعقاب الله تعالى ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ )

5ــ انتاج وتمكين وفرض جيل جديد من المتحولين دينياً والمنهزمين نفسيا

انتظرونا في الجزء الرابع والأخير ومقال بعنوان ” الواجب فعله ــ واجبنا العملى تجاه تيار التعويق”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى