أخبار الجمعيةاجتماعيةاحتفلاتعاممقالات

الهجرة وبدء النهضة

بسم الله الرحمن الرحيم
الهجرة وبدء النهضة
يهلّ علينا عام هجري جديد، وقد مضى عام وانقضى بما فيه من أحداث ومآسٍ، وبهذه المناسبة تتقدم جمعية الإحياء والتجديد إلى أبناء الشعب الليبي والأمة الإسلامية جمعاء بأطيب الأماني والتهاني، سائلين المولى سبحانه أن يجعله عام خير وبركة وغوث ونهوض، وأن يعيده علينا جميعا بالخير والبركات.
لقد عاش رسول الله ﷺ عقدا من الزمان يدعو إلى الله تعالى، وبذل كل ما في وسعه ليبلغ دعوة ربه إلى الناس جميعا كما أمره المولى سبحانه، وعندما أُغلِقت كل الأبواب، وسُدَّت في وجهه كل السبل أذن له ربنا جل في علاه أن يهاجر من بلدته ويغادر مسقط رأسه التي نشأ فيها وترعرع في رباها، ويتجه إلى المدينة المنورة، وقد خرج سرا واستعمل كل الوسائل للتعمية عن مساره؛ حتى لا يتمكن المشركون من القبض عليه وقتله أو سجنه كما وصف ربنا تعالى بقوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ اَ۬لذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَۖ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اُ۬للَّهُۖ وَاللَّهُ خَيْرُ اُ۬لْمَٰكِرِينَۖ﴾، ويمكنك أن تتخيل حالته التي هو عليها لولا العناية الإلهية التي أنزلت السكينة عليه، ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اُ۬للَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ اُ۬لذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اَ۪ثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِے اِ۬لْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اَ۬للَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ اَ۬للَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ اَ۬لذِينَ كَفَرُواْ اُ۬لسُّفْلَيٰۖ وَكَلِمَةُ اُ۬للَّهِ هِيَ اَ۬لْعُلْيَاۖ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌۖ﴾، إذ بلَّغه سبحانه مأمنَه، ووصل إلى حيث أصحابه من المهاجرين والأنصار.
بدأ رسول الله ﷺ بناء دولته التي من خلالها سينشر الدين والخير والعدل في ربوع العالم، ويضيء الكون بنور الإسلام، فلم تهن عزيمته ولم تضعف إرادته، بل بذل كل الجهد ونصره الله سبحانه ﴿هُوَ اَ۬لذِے أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِۦ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ وجعل منته سبحانه عليه أن جمع قلوب المؤمنين عليه ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْۖ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِے اِ۬لْأَرْضِ جَمِيعاٗ مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اَ۬للَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْۖ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٞۖ﴾، وفي هذا درس بليغ لنا أننا لن ننتصر ولن نستطيع بناء بلدنا والنهوض بأمتنا إلا من خلال تلك العلاقة الربانية، فنحن تجمعنا كلمة التوحيد، ولابد من توحيد الكلمة، وأن نواجه تحديات البناء على قلب رجل واحد، وقد يقول بعضهم إنها أحلام لا يمكن تحقيقها، وأقول إن النهضة لن تتحقق بدونها، فهل نحن مستعدون لبذل الجهد والتضحية من أجل هذا النهوض؟ أم أننا سنظل لقمة سائغة، وكرة تتناوشها أقدام المفسدين والمنتفعين والانتهازيين من هنا وهناك.
في دروس الهجرة وما بعدها عِبر كثيرة ولكنها تحتاج إلى نفوس مؤمنة معتصمة بحبل الله المتين ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اِ۬للَّهِ جَمِيعاٗ وَلَا تَفَرَّقُواْۖ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اَ۬للَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦ إِخْوَٰناٗۖ وَكُنتُمْ عَلَيٰ شَفَا حُفْرَةٖ مِّنَ اَ۬لنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَاۖ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اُ۬للَّهُ لَكُمْ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَۖ﴾، فهذا كتاب الله بين أيدينا وسيرته نبراس ينير لنا الطريق، فلنسر على هداه، ولنتمسك بحبله المتين وصراطه القويم، ونحن واثقون من النجاح والوصول إلى ما نرجوه ونتمناه، وكل عام وأنتم بألف خير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى