مقالاتمقالات تربوية

الهدي القرآني وأثره في التربية أ. محمد العوامي

 

الهدي القرآني وأثره في التربية (فَتَبَيَّنُوا – فَتَثَبَتُوا)

أ. محمد العوامي

 

يُعَدُّ القرآن الكريم المصدر الأساسي لتوجيه المسلمين في جميع جوانب الحياة، سواء في الشؤون الروحية أو الاجتماعية أو التربوية؛ فالقرآن الكريم يحتوي على توجيهات ومبادئ تنظم حياة المؤمنين وتهديهم إلى الطريق الصحيح، ومن هذه التوجيهات المهمة يأتي نص الآية الكريمة:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا (فَتَثَبَتُوا) أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾
[سورة الحجرات]

إن هذه الآية تحمل في طياتها دلالات عديدة وتعطي توجيهات عملية للمؤمنين في التعامل مع الأخبار والمعلومات التي يتلقونها.

ففي هذا الزمن الذي يتميز بانتشار وسائل الإعلام والتكنولوجيا، يصبح من الضروري التأكد من صحة الأخبار والمعلومات قبل نشرها أو اعتمادها.

وهنا يأتي دور التربية القرآنية في توعية المسلمين بأهمية التحقق من الأخبار وعدم الانسياق للشائعات والإشاعات.

“لا بد من وضوح المصدر الذي يتلقى عنه المؤمنون، جاء هذا النداء يبين للمؤمنين كيف يتلقون الأنباء وكيف يتصرفون بها، ويقرر ضرورة التثبت من مصدرها، وحتى لا يشيع الشك بين المسلمين في كل ما يتناقلونه من أنباء، فيقع ما يشبه الشلل في معلومات. فالأصل في الفرد المؤمن أن يكون موضع ثقة، وأن تكون أنباؤه مصدقة مأخوذا بها، فأما الفاسق فهو موضع الشك حتى يثبت خبره. وبذلك يستقيم أمر المسلم وسطا بين الأخذ والرفض لما يصل إليهم من أنباء، ولا يتعجل في تصرف بناء على خبر مشكوك فيه فيصيب أخاه بظلم عن جهالة وتسرع فيندم على ارتكاب ما يغضب الله، ويجانب الحق والعدل في اندفاع.”(*)

فكم من أخ هجر أخاه وصديق فقد صديقه بخبر كاذب وكم من امرأة طلقت بخبر كاذب، كم من شركة انهارت بخبر كاذب، كم من حرب قامت بخبر كاذب، كم من مؤسسة دمرت بخبر كاذب؟
لولا أن هذا خطأ كبير جدًا يمكن أن يضحي بمصالح المسلمين، لما أنزله الله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة.

إن تعاليم القرآن الكريم والتربية القرآنية تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل الفرد المؤمن وتهذيب سلوكه، فهي تزوده بالمعرفة والفهم الصحيح للقيم والأخلاق التي يجب على المسلمين أن يتمسكوا بها إذا كانت قلوب المؤمنين مشبعة بتعاليم القرآن، فإنهم يصبحون أكثر استعدادًا للتمييز بين الحق والباطل، وذلك بفضل الأخلاق الرفيعة والوعي. لذلك، فإن التربية القرآنية تعزز قدرة المؤمنين على تحليل وتقييم المعلومات التي يتلقونها، خاصةً عندما يتعاملون مع أخبار تتعلق بالأمور الدينية والاجتماعية.
تعلُّم القرآن الكريم وفهم مضامينه يوفر للفرد القدرة على التمييز بين الحق والباطل ويساعده على اتخاذ القرارات المناسبة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نكون على استعداد لتقبل الحقيقة حتى وإن كانت مختلفة عن الآراء والمعتقدات السائدة.

وفي النهاية يجب أن نحافظ على الأخلاق والقيم الإسلامية في تعاملنا مع الأخبار والمعلومات. يجب أن نتجنب نشر الأخبار المضللة والمغلوطة وأن نمتنع عن التشهير والافتراء ويجب أن نكون مسؤولين في استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي وأن نسعى لنشر المعرفة والحقيقة بطرق تعزز التفاهم والسلام.

باختصار القرآن الكريم يعلمنا كيف نتعامل مع الأخبار والمعلومات بحكمة ووعي، يحثنا على التحقق والتأكد قبل أن نصدق ونروج لأي خبر، ويعزز قدرتنا على التمييز بين الحق والباطل. التربية القرآنية تلعب دورًا حاسمًا في تهذيب سلوكنا وتشكيل قيمنا، وتجعلنا أشخاصًا مسؤولين وواعين في تعاملنا مع الأخبار والمعلومات في حياتنا اليومية.

(*) بتصرف – في ظلال القرآن لسيد قطب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى