اجتماعيةمقالاتمقالات تربوية

الهدي القرآني وأثره في التربية (5)

الهدي القرآني وأثره في التربية (5)

أ. محمد العوامي

{ولا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ..}

▪️بين أيدينا هذه الآية التي تدعونا إلى التدبر فيها لنرى أثرها في التربية وهي قوله تعالى في سورة الإسراء: {ولا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.

هذه الآية تذكرنا بأهمية الحذر وعدم التدخل فيما لا يخصنا، والامتناع عن الحكم على الأمور بدون معرفة صحيحة.
وهي تحثنا على البحث عن المعرفة والعلم قبل أن نصدر أي أحكام أو نقدم أي شهادات.
فالله سيسألنا عن أفعالنا وأقوالنا وما قد علمناه وما نجهله.

وتأثير هذه الآية في التربية يتجلى في تنمية الوعي والحكمة لدى الأفراد، وتحفيزهم على البحث عن المعرفة والعلم قبل اتخاذ القرارات، وعدم التدخل فيما لا يعنينا وعدم نشر الأقاويل بدون تأكد.
في عالم وسائل التواصل الاجتماعي والتدفق الهائل للمعلومات، تحمل هذه الآية: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} حكمة خالدة وتذكيرًا قويًا لنا جميعًا، أنه يجب علينا ألا نسعى وراء ما ليس لنا به علم، وتؤكد أهمية البحث عن المعرفة وتحمل المسؤولية عن أقوالنا وأفعالنا.

في مجتمعنا السريع الإيقاع، حيث يُطلق الآراء بدون التأكد من صحتها، تعتبر هذه الآية مبدأً توجيهيًا لتنمية حوار أكثر اطلاعًا واحترامًا. دعونا نستكشف بعض النقاط الرئيسية التي تقدمها هذه الآية:

1. تحتضن التواضع: الاعتراف بما لا نعرفه هو علامة من علامات التواضع، إنها تذكرنا بأننا لسنا على علم بكل شيء، وأن هناك دائمًا فرصة للتعلم والتطور، عندما نمتنع عن الحديث في المسائل التي ليست لدينا بها علم، نتجنب نشر المعلومات الخاطئة والمساهمة في سوء فهم الآخرين.

2. التحقق قبل النشر: في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، من السهل نشر المعلومات دون التحقق من صحتها. تحثنا هذه الآية على التوقف والتفكير قبل إرسال أو تعبير عن آرائنا، التحقق من مصداقية المصادر يساعدنا على تجنب تكرار الروايات الكاذبة ويمنع التأثير السلبي في الأفراد والمجتمعات.
3. استخدام مسؤول للحواس: تذكر الآية “السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ” كأدوات للإدراك والتفاهم، ومن واجبنا استخدامها بمسؤولية وأخلاقية، والتفاعل مع محتوى مفيد وصحيح يُسهم في بناء مجتمع أكثر تناغمًا واطلاعًا.

4. البحث عن المعرفة والحكمة: الإسلام يشجع على السعي للمعرفة كواجب مستمر، وتذكرنا هذه الآية بأهمية اكتساب المعرفة والتحقق من الحقائق قبل تشكيل الآراء، هذا السعي للمعرفة يمكنه أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات مدروسة ويساهم في نمو شخصي.

5. التصرف بأخلاق: تؤكد الآية أهمية أن نكون مسؤولين عن أفعالنا وأقوالنا، ويتضمن السلوك الأخلاقي الحديث بالصدق والنزاهة، والنظر في تأثير كلامنا في الآخرين، وعندما نلتزم بهذا المبدأ، نساهم في ثقافة النزاهة والاحترام المتبادل.

وتعتبر هذه آية: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} مصباحًا يرشدنا في عالمنا الذي يعتمد على المعلومات.

إن التدبر القرآني والاستفادة من معاني الآيات يمثل أساسًا مهمًا في التربية الإيجابية وبناء شخصيات مؤمنة وواعية.

إنَّ الاستفادة من هذه الآية في التربية يساهم في بناء مجتمع متحضر يتمتع بالحكمة والتفكير النقدي، ويتجنب الأفراد الوقوع في الجدلات الفارغة ونشر الأقاويل بدون علم.
لذا دعونا نسعى جميعًا لتحقيق التوازن بين العقل والقلب والعمل، ونتجنب الحكم على ما ليس لنا به علم، تحت إشراف وتوجيه القرآن الكريم الذي يحمل لنا الإرشاد والهدى في كل جوانب حياتنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى