عامقضايامقالاتمقالات الرأي

الوجبة اليومية للعالم .

الشيخ د. محمد خليل الزروق

هل تعود العالم المتحضر على هذه الوجبة اليومية من التقتيل وتقطيع البشر وحرقهم في الخيام وتفجير البنايات والمساكن على رؤوس ساكنيها.

عالم القرن الحادي والعشرين المتقدم صناعيا وحقوقيا وقانونيا وإعلاميا وإداريا الذي ينظّر للحقوق والحريات والديمقراطية الحريص على التبشير بكل ذلك واستلحاق المتخلفين عنه إلى عالمه السعيد الرشيد.

هذا العالم الذي شعاراته التنمية والبيئة وحقوق الحيوان والمثليين ورفض التمييز على أساس الدين أو العرق أو اللون أو اللغة.

هذا العالم الذي يقوده النصف الشمالي الغني البارد ويشرف على نظامه ورعاية الأمن والسلم الدوليين فيه والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.

هذا العالم الذي وصل بزعمه إلى نهاية التاريخ فليس في الإمكان أبدع مما كان ليس بعد الديمقراطية نظام ولا بعد حقوق الإنسان حقوق ولا بعد الغرب حضارة ولا ثقافة.

هذا الغرب الذي رمى الدين وراء ظهره واستبعد الكنيسة من الحياة العامة فليس صليبيا ولا حاقدا ولا طامعا ولا صلة له بحملات مئات السنين يهجم فيها الرعاع الأوباش من أوروبا على الشرق بتحريض الكنيسة وشعار الصليب وجهته بيت المقدس لتحريره من الكفار.

هل تعود هذا العالم بمسلميه ومسيحييه ووثنييه وملحديه على القتل بآلة الحرب الغربية الفتاكة وطائراته ودباباته وصواريخه التي تلاحق الأبدان الرخوة للأطفال والرضع والنساء والعجائز والمستشفيات والمساجد والكنائس.

هل صار هذا عرفا مقبولا وروتينا يوميا يشاهده الناس في الأخبار وهم يأكلون ويشربون ويضحكون مع تنهيدة أسف وإشاحة للوجه وتقليب للقنوات.

هل هو عالم عاجز حقا لا قدرة له على وقف القتل والتدمير لمؤسسات الأمم المتحدة والأونروا واليونيفيل والصليب الأحمر والهلال الأحمر ومؤسسات الإغاثة والإعلاميين والصحفيين والمؤسسات الإعلامية.

هل هو عالم متحضر وهل قيادته الغربية أفادتها الحضارة والثقافة والفلسفة والتكنولوجيا والصناعة والجامعات ومراكز البحوث والمجتمع المدني شيئا من العدل أو الرحمة أو الإنصاف أو الصدق.

هل قيادتهم رشيدة وهل يصلحون للقيادة وهل يؤتمنون على الإنسانية وهل يخلى بينهم وبين هذا التوحش والتسفل والتحجر والتبلد والدموية.

ثم هل يلتفت المسلمون إلى أنفسهم بل هل يدفعون عن أنفسهم وهل يذكرون أنهم أمة وأن هذا العالم ككل العوالم لا بد له من تكتل وقوة وأرض شاسعة وموارد وفيرة وصناعة ونظام ولا تعيش فيه الأقطار القزمية إلا ذليلة تأكل وتشرب كالأنعام وتشهد الذبح والحرق راضية ساكنة ساكتة وتسأل الرحمة السجان والجلاد من أولاد الزنا وإخوان القردة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى