بيان بشأن الأحداث في مدينة طرابلس

بيان بشأن الأحداث في مدينة طرابلس
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.
لقد مرت عاصمتنا الغالية بأيام صعبة، اقتتل فيها الإخوة وأبناء العمومة، وقُتل فيها من قتل، وجُرح من جرح، وأُصيب بعض من الممتلكات الخاصة والعامة، وعاش الناس فيها ساعات من الخوف وترقب المجهول، فنسأل الله أن يتغمد القتلى بواسع الرحمة، ويعافي المصابين، ويعوض الجميع خيرا.
وفي الوقت الذي نشكر فيه العقلاء ممن ساهموا في إيقاف الاقتتال، ونشد على أيديهم، نُشيد بكل من غلّب لغة العقل، واستجاب لنداء الوطن، وجلس إلى طاولة التفاوض سعيًا للوفاق ولمّ الشمل، وانطلاقًا من مسؤوليتنا الوطنية والدينية، واستشعارًا بخطر المرحلة التي تمر بها بلادنا الحبيبة ليبيا، فإن جمعية الإحياء والتجديد تهيب بجميع أبناء الوطن إلى أن يستمسكوا بهدي الإسلام الصحيح، وأن يتقوا الله في دماء إخوانهم، وأن يجعلوا من تعاليم الدين الحنيف مرجعًا وسبيلًا للنجاة من الفتن والصراعات التي لا تُبقي ولا تذر.
فلقد جاء الإسلام ليُقيم مجتمعًا تسوده الرحمة والعدل، ويُحرم فيه الظلم والعدوان، ويدعو فيه إلى إصلاح ذات البين. قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل امرئ مسلم”. وإن مما يؤلم القلب ويهزّ الضمير أن تُسفك الدماء باسم الانتصار لفريق أو تيار على حساب الوطن، في حين أن الدين يأمرنا بالعفو والتسامح والنصح والحوار.
وإننا نؤكد أن بناء ليبيا لا يكون إلا بجمع الكلمة، وتوحيد الصف، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة، وهذا لا يتحقق إلا بالحوار الصادق، والاستماع لصوت العقل، ونبذ دعوات العنف والتحريض.
كما أننا في الوقت ذاته نحذر من الانسياق خلف دعوات مجهولة المصدر أو النوايا لزيادة الاحتقان والدفع لعدم الاستقرار، فلنقف جميعًا ضد أي محاولة لجر البلاد إلى دوامة التوتر والاضطراب.
وفي هذا السياق ومن منطلق الحرص على ترسيخ الاستقرار الدائم وبناء الثقة المجتمعية، فإننا نرى أن تعزيز دور المؤسسات الدينية، وفي مقدمتها المساجد، ينبغي أن تكون إحدى أولويات المرحلة المقبلة، لأنها تمثل حجر الزاوية في بناء وعيٍ جماعيٍ سليم، يُساهم في رأب الصدع المجتمعي، ويُعيد ترسيخ قيم السلم المجتمعي، والوحدة الوطنية، ونشر الاعتدال.
وختاما: نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه خير ليبيا، وأن يجمع شمل أهلها على كلمة سواء، وأن يُخرجها من أزمتها أقوى وأصلب عودًا.
حفظ الله ليبيا وأدام عليها نعمة الأمن والأمان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمعية الإحياء والتجديد
طرابلس في الـ18 من ذي القعدة 1446 هـ
الموافق 16 مايو 2025 م