الكلمة الأسبوعية

تهنئة بعيد الفطر المبارك للعام 1445هـ

تهنئة بعيد الفطر المبارك للعام 1445هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واتبع هداه، وبعد..
الإخوة والأخوات في ليبيا والعالم العربي والإسلامي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنه لمن دواعي السرور والغبطة البالغة أن أتقدم إليكم باسمي واسم جمعية الإحياء والتجديد مهنئا إياكم بحلول عيد الفطر المبارك، ومتمنيا أن يعود على البلاد والعباد بالخير واليمن والبركات.
يأتي هذا العيد بأنسامه المباركة رغم الآلام والجراحات التي تصيب جسد الأمة في مواطن عديدة، التي نعتقد أنها ستكون بداية بعث جديد، ونهضة قادمة، وتحريرًا للأوطان، وبناءً لها معتمدة على سواعد أبنائها الذين بذلوا الغالي والرخيص في سبيل عزتها وكرامتها.
إن الأحداث التي تمرّ بها الأمة قد أظهرت معدن الشعب الليبي الحقيقي، الشعب المجاهد الذي يساند إخوانه في محنهم، فقد تنادت عدد من المؤسسات وعملت على جمع الأموال والمواد العينية وأرسلتها إلى مستحقيها سواء في الإعصار الذي أصاب جبلنا الأشم ومدينة درنة بالخصوص، وكذلك أهلنا في غزة ومسرى الرسول الكريم ﷺ، وفعلا تمثل فيهم قول النبي ﷺ: (مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكى منه عُضْوٌ تَداعى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمّى)، وهذا ليس بغريب على الشعب الذي ساند إخوانه في الجزائر وفلسطين في منتصف القرن الماضي أن يعيد العمل مرة تلو الأخرى، مستشعرا الواجب ومؤديا حقوق الأخوة والدين، فبارك اللهم أهلنا، واجعلهم دوما نصيرا للمظلومين ومعينا للمحتاجين.
وبهذه المناسبة نهنئ إخواننا في فلسطين ونشدّ على أيديهم، ونثمّن جهادهم وتضحياتهم، وخاصة أهلنا في غزة، ونقول لهم إن الله قد اختاركم واصطفاكم للدفاع عن الأرض المقدسة، وقد رفعتم الإثم عن مجموع الأمة بعملكم هذا، ونحسب أن كل من قتل في هذه المعركة هم شهداء عند الله، وكل من أصيب بجرح أو إعاقة فإنما هو وسام على صدره يزهو به بين الناس.
هذا الموقف وهذه المعركة تقتضي من الأمة جميعا الوقوف معكم ومساندتكم ليس تفضلا ولا منة، بل واجب مقدس وطاعة لأمر الله تعالى: {اِ۪نفِرُواْ خِفَافاٗ وَثِقَالاٗ وَجَٰهِدُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِۖ ذَٰلِكُمْ خَيْرٞ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَۖ}، وطلبا لأجر المشاركة في هذا الجهاد، كما قال الحبيب المصطفى ﷺ: (مَنْ جَهَّزَ غازِيًا في سَبيلِ اللهِ، فقَدْ غَزا، ومَن خَلَفَهُ في أهْلِهِ بخَيْرٍ، فقَدْ غَزا)، ومن هنا لابد من دعوة كل مسلم إلى أن يبذل كل ما يتيسر له من مال أو جهد أو نشر للقضية والأهم من ذلك أن ينشأ الوعي لدى مجموع الأمة بأن قضية الأقصى قضية دينية، لابد أن يشارك الجميع في العمل لها والدفاع عنها، ومقاومة العدو حتى يتم التحرير الكامل للأقصى، وجميع الأراضي المحتلة.
لا بد من كلمة توجه لقادة وحكومات العالم العربي والإسلامي بهذه المناسبة، ونذكرهم بمسؤوليتهم تجاه مصالح وقضايا الأمة، وأولاها قضية الأقصى وفلسطين، وأنهم سيسألون عنها؟ فماذا هم قائلون؟ وليعد كل منكم إجابته، ولا تقولوا نخشى على أنفسنا وبلادنا الدوائر، لأنه سيجيبكم سبحانه: {أَتَخْشَوْنَهُمْۖ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَۖ}، ولتؤدوا الأمانة التي حملتموها، ولا شك أن هناك العديد من الوسائل، بالإضافة للتنديد والاستنكار، فلابد من إيقاف قطار التطبيع الذي انطلق قبل السابع من أكتوبر، ولابد من الضغط ونقض تلك الإجراءات التطبيعية السيئة مع العدو المحتل، وهناك الإجراءات القانونية في المحافل الدولية، مثل ما فعلت دولة جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، وهناك فتح المعابر لإيصال المعونات وإخراج الجرحى والمصابين، وهناك إيقاف تدفق النفط والغاز إلى الدول الداعمة للكيان الغاصب، إلى غير ذلك من الوسائل التي لا تغيب عنكم ويمكنكم فعلها، وإلا فهو العار أبد الدهر، والخزي يوم البعث والنشور بين يدي الحكم العدل سبحانه وتعالى.
قضايا الأمة متعددة ومآسيها كثيرة، فمازال الاقتتال في السودان، ويدفع الثمن عموم الناس بين لجوء وقتل وتدمير، ومازالت معاناة أهلنا في سورية قائمة، وما يعانيه اللاجئون في البلدان المجاورة، ويحتاج الأمر من مجموع الأمة قادة وشعوبا إلى وقفة جادة لعلاج هذه المشاكل وإقامة الحق والعدل.
ولا شك أن اهتمامنا بقضية الأمة لا تنسينا مأساة أهلنا في درنة والجبل الأشم، فما زالت المعاناة قائمة، وما زالت الجثث تستخرج من أماكن مختلفة، وهنا لابد من العمل على معالجة حاجة الناس، والعمل على إعادة البسمة وعطر الزهر إلى مدينة درنة الزاهرة، ونحذّر من الاتجار بهذه القضية من أجل مماحكات سياسية، وتحقيق مصالح شخصية لجهة أو مجموعة كائنة من كانت.
العيد يوم الفرحة والتواصل والتراحم والتكافل وإدخال السرور على كل قلب مكلوم وفؤاد مجروح ونفس حزينة، ولا تكتمل الفرحة إلا بمشاركة الجميع، وهنا نطالب كل الجهات المسؤولة في الشرق والغرب بضرورة إحقاق الحق والعدل وإطلاق سراح المسجونين ظلما، فضلا عن المحكوم ببراءتهم وما زالوا مسجونين، وهذا عين الظلم، ولا بد من العمل على إزالته، ولتعلموا أنكم باستمرار هذا الظلم فإنما تُغْضِبون الرب سبحانه، وبإقامة العدل وإطلاق سراح المظلومين، وجبر خاطرهم، سيحقق الأمن والأمان، ويدعم البناء والمصالحة الوطنية الشاملة.
اللهم اجعل هذا العيد خاتمة الأحزان، وبدء الخير والبنيان، وبشائر النصر على الظلم والعدوان، وتحرير المقدسات والأوطان، تقبل الله منا ومنكم وغفر لنا ولكم
وعاشت ليبيا حرة ذات سيادة واستقرار وسائر بلاد الإسلام، وكل عام وأنتم بخير، والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى