ثلاثونَ يومًا والمحارمُ تُدهَسُ
سارة علي الصلابي
ثلاثونَ يومًا والمحارمُ تُدهَسُ
فكيفَ لكم يهنا حديثٌ ومجلسُ؟
وكيف تُطيقُونَ الكلامَ وعندكم
مِنَ الطَّوْلِ ما يُردي العدوَّ ويُبئسُ
سَمِعنَا الّذي قلتُم بأوّلِ ساعةٍ
وقد مرَّ شهرٌ! لا أبا لكمُ اخرسُوا
فأحسنُكم يدعو الرجالَ لهُدنةٍ
كأنْ لم تُبَحْ أرضٌ ودورٌ وأنفُسُ!
وأهونُكم صاغ المناعي عريضةً
بها أعينُ القرّاءِ تذوي وتنعسُ
وفيكم أيادٍ جودُها كانَ خِسَّةً
تَمُدُّ لنا الأكفانَ والقوتَ تحبسُ
وأُخرى لها بذلٌ صريحٌ مع العِدا
فتُحسَبُ منّا وهي فينا تَجَسَّسُ
وثالثَةٌ أضحتْ تُدِينُ مع الضّحى
وموسِمُها في الليل رقصٌ ومأنَسُ
وفي ذيلكم رأسُ الخساسةِ كلِّها
يُصَبْصِبُ أنهار الدماءَ ويَغمسُ
وآخَرُ في وجه المفاخرِ عابسٌ
مواقفهُ من غاصبِ الأرضِ أنجسُ
فلا جَمْعَ من ذا الجمعِ واللهِ أتعَسُ
وإبليسُ ممّا تصنعونَ لَمُبلِسُ
يقولُ (لَعمري ذلكَ الرأيُ ليسَ لي
ولستُ على ما يُبرمونَ أوسوسُ)
فأين سبيلُ الخيرِ والقومُ هكذا
وأنّى يكون النصرُ والذيلُ يرأسُ!
ولولا بنو القسّامِ عِزُّ زماننا
لكانَ هواءُ الذلِّ ما نتَنَفَّسُ
رجالٌ لهم في ساعة البأسِ رايةٌ
على عزِّها الرايات أضحتْ تَنكّسُ
إذا برزوا للقومِ ساءَ صباحُهم
ولم يُغنهم عند النزالِ التّمترُسُ
ويا قائلا: لا يُقهرُ الجيشُ، هل ترى
لقد مرّ فوقَ الشهرِ والجيشُ يُدعَسُ
تضيقُ مداخيل العتاد لأرضهم
فيُصْنَعُ من عزم الرجال المُسَدّسُ
لئن كان في البلدانِ ذاتُ بقيَّةٍ
تقاومُ أسبابَ الفساد وتكنسُ
فلسنا نرى إلاكِ غزَّةَ فاصمدي
فإنَّ صروفَ الفاجعاتِ سَتَخنَسُ
تغالبُك البلوى بألف فجيعةٍ
وشعبُك من نار الجلادةِ يَقبسُ
فشيمةُ أرحامِ النساء كريمةٌ
تجودُ بحُسنِ الغرسِ ثمَّ تؤسِّسُ
وشيمةُ أصلابِ الرجال كرامةٌ
يكونُ بها طفلٌ جسورٌ وأشوسُ
تعودينَ يوم النصر أعظمَ آيةٍ
ويُحمى بهذا السعيِ حقٌّ مُقدَّسُ
إذا غرّهم بأسٌ شديدٌ مُهشَّمٌ
فعينُ شديدِ البأسِ فوقكِ تَحرُسُ