جوابا على من يقول: “شهور ونحن ندعو ونتظاهر ونقاطع بدون أثر ولا جدوى.

✍️:بقلم: د. إدريس أوهنا
جوابا على من يقول: “شهور ونحن ندعو ونتظاهر ونقاطع بدون أثر ولا جدوى، بل سارت الأوضاع إلى الأسوء والأردى”
1- عندما تدعو أو تتظاهر أو تقاطع، أو… فأنت تؤدي واجبا عليك بصرف النظر عن أثره في رد العدوان أو تحقيق النصر.
2- أثر ما تقوم به لا يقف عند حدود هذه الحياة الدنيا بل يتجاوزها إلى الجزاء الأوفى عند الله تعالى يوم المثول بين يديه للحساب، وذلك أهم وأعظم.
3- أثر ما تقوم به في دفع العدوان وتحقيق النصر في هذه الدنيا لست أنت من تحدد أجله، ولست أنت من تأذن بوقوعه، إنما ذلك حكم الله وأمره، والله عليم حكيم، فأد أنت ما عليك، ودع ما لله لله.
هل شق على الله تعالى عندما أراد خلق السماوات والأرض أن يخلقهما بكلمة كن فيكون، عوض أن ينص على خلقهما في ستة أيام؟ قطعا لا، لكنه يعلمنا قيمة الوقت، وقيمة الإنجاز في الوقت، والزمن جزء من الحل.
4- تطور الأوضاع إلى ما هو أسوء لا يعني بطلان جدوى الدعاء وغيره من أشكال الدعم والنصرة، بل قد يكون إيذانا بهلاك المعتدي، ونصر المعتدى عليه؛ إذ لا يتسع الأمر إلا إذا ضاق، ولا تظهر قيمة الفجر إلا بعد الظلام الحالك.
5- هذه الدار الدنيا إنما هي دار امتحان، وليست جميع النتائج يعلن عنها فيها، بل أكثرها تطوى لتنشر في يوم الحساب: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ}.
6- عندما اشترى الله تعالى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم، وعدهم أصالة بالجنة، أما غيرها مما يتحقق لهم في الدنيا من نصر وتمكين وما إلى ذلك فهو بالتبع لا بالأصالة، فإن تحقق عاجلا فبها ونعمت، وإن تأخر أو حتى تعطل لأسباب يعلمها الله، فالعبرة بنيل رضا الله والفوز بالجنة، { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة 111.
7- لم يهلك الله فرعون الطاغية لحظة إغراقه في البحر، بل لحظة خلقه لموسى عليه السلام.. وبينهما ردح من الزمن يجعل المتشكك مهزوز الإيمان ينفي الجدوى عن كل مقاومة لفرعون وطغيانه، وتحقق إفضائها إلى إهلاكه وزواله.. لكن ذلك هو الذي كان، متى وكيف شاء خالق الأكوان.
8- إن نجاحك في امتحان اليقين والإيمان لا يكون فقط فيما ظهرت حكمته للعيان، بل فيه وفيما خفي عن الأذهان، هل تفوض الأمر فيه إلى الخالق الديان؟ أم تنقلب على وجهك مخلا بشرط الإيمان والإذعان.
9- إن العبرة في الحكم على الأشياء بخواتمها، فلا تستعجل الحكم عليها منذ البدايات أو في منتصف الطريق؛ ولكل أجل كتاب.
10- عندما تتظاهر وتقاطع وتمانع و… فأنت تحرر نفسك أولا، وإن لم تبلغ تحرير الأرض المحتلة، نعم فأنت تحرر نفسك من الخذلان، ومن الجبن والهوان، ومن العجز والاستسلام، ومن القابلية للاستعباد، ومن التطبيع مع المنكر والظلم والفساد والاستبداد.
11- اعلم أن أول الغيث قطر ثم ينهمر، والطريق الذي طوله ميل يبدأ بالخطوة الواحدة، وأن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة، ولا تحقرن من المعروف شيئا؛ فلو سكتت النملة التي قالت لقومها: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} معتقدة أن لا جدوى من تحذيرها، لهلكت وهلكوا.