حاجتنا نحن إلى رمضان
حاجتنا نحن إلى شهر رمضان
دائما نبحث عن أوقات مناسبة يكون في التغيير إلى الأفضل ونتحرى بدقة هذه الأوقات ونغفل أحيانا أن هناك محطات مهمة الانطلاقة للتغيير.
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى: “إن في حياة المسلم مفاصل مهمة للتغيير” وقد ذكر منها شهر رمضان.
نعم ما ذكره الشيخ الغزالي صحيح حيث يمني فيه المسلم دائمًا بالتغيير إلى الأفضل، وأن يجتهد في الاستفادة من هذا الموسم بالمزيد من الطاعات، وهذه حقيقة ونذكر عندما كنا صغارًا نعلق كل أمورنا التعبدية إلى أن يأتي شهر رمضان ونعزم على الجد فيه والانضباط في أداء شعائره، فيذهب رمضان ونجدد العزم إلى رمضان المقبل وهكذا.
قد تكلم العلماء والفقهاء من السلف والخلف عن وجوب صوم رمضان وسننه ومستحباته ومكروهاته ومبطلاته، وتكلم أيضًا علماء السلوك عن كيفية الارتقاء والسمو الروحي في هذا الشهر الفضيل، ولم يتركوا شيئًا يخص هذا الشهر إلا وتكلموا فيه بالتفصيل، ولكن السؤال ماذا استفدنا نحن من هذا الموروث العلمي؟
اكتفينا بالصيام عن الطعام والشرب والتحرز من عدم الاقتراب من أي شيء يفطر، واجتهدنا في ختمة القرآن مرتين أو ثلاثة والمحافظة على الصلاة في المسجد والحرص الشديد على صلاة التراويح خلف الصوت الحسن ولو بيننا وبينه مسافات.
هذا طيب وجميل وحرص مأجور عليه إن شاء الله، ولكن لا نذهب بعيدًا، ماذا عن أنفسنا التي بين جنبينا التي تخوض مع الخائضين؟، هل يذهب رمضان تلو رمضان ومازلنا صغارًا نمني أنفسنا بالتغيير ويبقى السلوك الإيجابي لم يتطور والسلوك السلبي لم نتخلَ عنه؟
عندما نريد الاستعداد لرمضان ونتفقد النواقص واحتياجاتنا المعيشة من الأكل والشرب، أيضًا نتفقد النواقص واحتياجاتنا النفسية والسلوكية التي تحتاج إلى التطوير أو التطهير النفسي والسلوكي.
النفس مناط التغيير للإنسان والواقع، ورمضان موسم مهم للارتقاء بها إلى التي هي أحسن، ونحن دعاة تغيير فلا ندخل إلى دائرة المقت عند الله أن نقول ما لا نفعل، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) [سورة الصف 2 – 3]، إذا لم نبلغ الكمال نقترب منه، ولا يكلف الله نفسًا للتغيير إلا وسعها وعلى هذا يحاسبنا الغفور الرحيم.
يقول الرافعي -رحمه الله- في استقبال رمضان:
ومن روتْه مُرضعةُ المعاصي
فـقـد جـاءتْـهُ أيـامُ الـفِــطامِ
تقبل الله منا في هذا الشهر ونسأله أن يعيننا على أنفسنا حتى نغير واقعنا.