عاممقالاتمقالات تربوية

خطوات شعبانية لرمضان

أ. عبدالسيد الشريف

شهر شعبان، يا ترى لماذا سُمي بهذا الاسم؟ وما هو هدي النبي عليه الصلاة والسلام فيه؟ ولماذا نبه المسلمين عن الغفلة عنه؟.. والسؤال الأهم: كيف يكون باب استثمار لشهر رمضان؟

شعبان هو اسم للشهر، وسُمي هكذا لأن العرب كانوا يتشعبون فيه (أي يتفرقون) لطلب المياه، وقيل تشعُّبهم في الغارات، وقيل لأنه شعب (أي ظهر) بين شهري رجب ورمضان، ويُجمع على شعبانات وشعابين.

كيف نستثمر شعبان الاستثمار الأمثل ليكون بداية صحيحة وموفقة لاستقبال رمضان؟
من حكم ابن عطاء الله السكندري قال: “من أشرقت بدايته أشرقت نهايته”. وإليكم الخطوات العملية لنيل فضل شعبان:

1. **التوبة من الذنوب** من الندم والإقلاع والعزم على عدم العودة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا} [التحريم: 8]. روى مسلم وعن الأغر المزني أبي مالك عن النبي عليه الصلاة والسلام: “إنَّه لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وإنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي اليَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ”. الغين مقصود به الذي يغشى القلب، كان النبي يغفل عن الذكر وينزل مقامه عن المقام النبوي فكأنه استغفر من هذا الذنب؛ فما بالك بنا نحن؟

2. **الإكثار من الأعمال الصالحة**: لأنها ترفع في شهر شعبان، من صلاة وصدقة وصلة رحم وطلب علم والتفقه في الدين ونشر الخير والعلم والمعروف، وخصوصًا الصيام، لأن شهر شعبان يأتي بين رجب المحرم ورمضان – وهو أفضل الشهور – لذلك نبه عن الغفلة عنه. فعن أسامة بن زيد قال: قلت يا رسولَ اللَّهِ! لم أرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟، قال: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ العَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ” (أخرجه أحمد والنسائي وحسنه الألباني في صحيح الترغيب).

3. **ادعُ الله أن يبلغك شهر رمضان** وأن يوفقك في نيل خيرات ونفحات شعبان ورمضان، فقد روي عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أنه قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا دخل رجب قال: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان» (رواه أحمد والطبراني)، ومن أجله يقول ابن رجب (رحمه الله): “قلوب المتقين إلى هذا الشهر تحنّ، ومن ألم فراقه تئنّ”.

4. **الجلوس والتهيئة النفسية والخلوة بالنفس** للتأمل والتدبر والتخطيط لاستثمار رمضان ووضع ورد يومي للمحاسبة. الخلوة بالنفس من أعظم الوسائل للتفكير والتعبد، مثل ما كان يفعل الرسول عليه السلام في غار حراء قبل بعثته، ومن ثم وضع خطة مكتوبة ومحددة للأعمال الرمضانية من قراءة للقرآن، والذكر، وحضور درس علمي، والصدقات من إفطار صائم وغيره. والزيارات، والنوم… إلخ، وكن منظمًا، ولا تكن عشوائيًا تترك نفسك للظروف.

ولا ننسى فتح باب مسابقة وتنافس بين الأبناء والزوجة في تطبيق هذه الخطة مع الوعد بمنح الهدايا.
المقال القادم بعون الله خطة رمضانية مفصلة لنيل نفحات الشهر.

5. **هذه النقطة لها علاقة بالتي قبلها** لكن لأهميتها أذكرها منفردة؛ وهي الجلوس مع العائلة ووضع خطة وقائمة لاحتياجات رمضان وتوفيرها قبل دخوله، وتجهيز ملابس العيد لتجنب الزحمة في الأسواق.

6. **استغلال الفراغات البينية** واستثمارها في الذكر والدعاء، وهي أوقات الذهاب للعمل وأثناء قيادة السيارة.. إلخ، والتبكير للصلاة للتلاوة والذكر، لأن من انتظر الصلاة فهو في صلاة.

7. **قراءة كتاب أو سماع محاضرات عن فضل تلاوة القرآن**، لأن النبي عليه الصلاة والسلام، كما في مسند أحمد، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، يلقاه كل ليلة يدارسه القرآن، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود من الريح المرسلة. وليس هناك أفضل من شهر رمضان لمدارسة وتلاوة القرآن.

8. **معرفة حال السلف في رمضان** من أكبر المحفزات للعمل والاجتهاد. كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة (نقله الإمامان الذهبي والنووي). وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع الأعمال وأقبل على قراءة القرآن. وكان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة. قال ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف: “وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان، وخصوصاً الليالي التي تطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن؛ اغتنامًا للزمان والمكان، وهذا قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم”.

9. **رمضان فرصة للتغيير**، فالنفس تكون مقبلة على الله، فأبواب الجنان مفتوحة وأبواب النار مغلقة والشياطين مصفدة مكبلة، ما أجمل الجلوس الصادق مع النفس وكتابة العيوب، ووضع برنامج عملي للتخلص منها، ولا تعجز ولا تتعجل؛ فالزمن جزء من العلاج، وإياك واليأس فإنه من وساوس الشياطين.

10. **سلامة الصدر والعفو والصفح** لنيل فضيلة غفران الذنوب والتخلص من الشرك الأصغر والأكبر؛ في ليلة النصف من شعبان: قال صلى الله عليه وسلم: ”إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ» (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني). مشاحن: أي مخاصم لمسلم أو مهاجر له.

11. **استعن بالله ولا تعجز**، وادعُ الله بصدق وإلحاح أن يعينك على الفوز بفضل وأجر شهر رمضان وشعبان، فنحن نردده كل يوم: “إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ”.
إذا لم يكن عون من الله للفتى ::: فأول ما يقضي عليه اجتهاده.

تلك عشرة كاملة وواحدة زيادة، نسأل الله أن يوفقنا ويعيننا على تطبيقها ونشرها بين أهلنا وأقاربنا وأصدقائنا.. اللهم آمين.. آمين.. آمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى