مقالاتمقالات تربويةمقالات فكرية

خواطر في الدعوة

 

الشيخ سالم جابر

الدعوة إلى الله هو عمل الأنبياء، وطريق الأولياء، ومنهج العلماء، وجهد الأتقياء الأنقياء.
إن الأمة الإسلامية في أمسّ الحاجة هذه الفترة إلى دعاة مهرة تتجمع عليهم القلوب، وتتألف بهم النفوس.
دعاة ينطلقون من فهم صحيح لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
دعاة يتحركون بدعوتهم، إخلاص ونيات ونصح وتبيين؛ لا يدعون إلى قومية أو حزبية أو غنيمة أو هوى. لا يدعون إلى جماعة ويعادون الآخر.
إمامهم محمد صلى الله عليه وسلم، منهجهم قرآن وسنة، جماعتهم المسلمون جميعًا بكل أطيافهم.
داعية يأخذ درر العلماء وأسلوب البلغاء، وحكمة الحكماء، فيقدم كل ذلك مخلوطاً ومعجوناً وممزوجاً، يقول الحق: (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).
الحكمة في الدعوة أن نرتب الأولويات، وأن نقسم العمل؛ فالمنكر الظاهر ليس كالخفي، والمكروه ليس كالحرام، وترك الفرض ليس كترك السنة، والكبائر ليست كاللمم.
نحتاج إلى داعية مثل مصعب بن عمير – شاب فطن لبق ذكي ألمعي. الحُسن في مُحياه والإشراقة تعلو وجهه. حليم عند الغضب، صبور لا يعرف الملل، إذا تكلم صغت إليه الآذان، وإذا همس سمعته القلوب إخلاصاً لله وتوكلًا على الحي.
دخل يثرب فأزال الله عنها التثريب وصارت المدينة، له في كل بيت مصباح ونور إيمان يشع. فيا له من سفير للقلوب؛ فدخل النبي صلى الله عليه وسلم بمجهودات هذا الشاب وتوفيق الله له.
فأين هذا من شباب ما عرفوا حلاوة الدعوة إلى الله ولا فضلها، وكأنهم لم يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم (لأن يهدي الله بك رجلاً إلى الإسلام خير لك من حمر النعم).
شباب يغطون في نوم الغفلة والنسيان، المنكر أحاط بهم وترعرعت المعاصي في أحيائهم؛ فالخمور قد فشت والمخدرات انتشرت؛ فأين من يدعون إلى الفضيلة، وأين الداعية الذي يأخذ بيد العاصي إلى نور الطاعة، أين الدعاة الذين قلوبهم على شبابنا وبلادنا؟.
شباب ما عرفوا الثقافة والعلم والاطلاع والفهم، فهُم لهم عقول لكنها لاهية، لهم قلوب لكنها غافلة.
فالدعوة إلى الله تعالى تحتاج إلى همة عالية ومعارف متعددة وثقافة واسعة، وقلوب مخلصة، وأقلام صادقة، وألسنة بليغة.
ولو عرجنا إلى الكم:
كم عدد الدعاة في بلادنا ليبيا، وكم عدد الدعاة في العالم الإسلامي؟ للإجابة يتطلب منا أن نصوب النظر إلى ما حولنا من – دعاة الباطل – فأعدادهم غزيرة. المساجد خالية إلا من الصلاة، والجامعات وكأن الدعوة إلى الله محرمة وممنوع إلا القليل.
وعلينا أن نعلم عدد المبشرين المنصّرين في العالم أكثر من (220) ألف مبشّر.
لا يكفي أبداً أن يتصدى لهم خمسة آلاف داعية إسلاميًا، موزعين على سكان العالم، فلا عذر لأي مسلم ترك هذا الميدان وأهمل الدعوة إلى الله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (بلغوا عني ولو آية) أخرجه البخاري. ومَن مِن المسلمين لا يحفظ آية من القرآن الكريم؟.
فبادر إلى الدعوة إلى الله؛ لإصلاح ما فسد وتحسين ما بقي؛ فالإنسانية لن تصلح إلا بالإسلام، والإسلام لن يصل إلا بدعاة مخلصين.

جعلنا الله من الدعاة المخلصين والصلاة على خير الدعاة لرب العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى