اجتماعيةمقالاتمقالات تربوية

خير أيام الدنيا.

 

خير أيام الدنيا.
د. محمد الصغير

رئيس الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلامﷺ ، وعضو مجلس الأمناء بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

الدنيا مزرعة الآخرة يتزود العبد منها ليوم مَعاده، وفيه يجنى ثمرة ما قدمت يداه.
والناس متفاوتون في ذلك فمنهم المجد المجتهد، وفيهم المتراخي المتكاسل، ومنهم من هو بين بين، أو في منزلة بين المنزلتين.

لكن من فيوضات رحمات الباري تعالى وتقدس مواسم الطاعات التي تَتخلل العام فتضاعف فيها الأجور ويتدارك فيها المقصرون ما فاتهم من رفعة الدرجات.

ولعل أيسرها عملا وأكثرها أجرا وفضلا العشر الأُول من ذي الحجة التي أقسم الله بها في القرآن الكريم: (وَالْفَجْرِ  . وَلَيَالٍ عَشْر)

بل فضلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على سائر أيام الدنيا حتى لو كانت أيام جهاد في سبيل الله:

عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل أيام الدنيا أيام العشر – يعني عشر ذي الحجة – قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب» [رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني].

وبَشَر صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح فيها أيا كان العمل خير وأفضل من أي عمل فيما عداها، وما استثنى من ذلك بعد سؤال الصحابة إلا صورة واحدة لرجل خرج للجهاد في سبيل الله فُقتل الرجل وعُقر جواده!
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر – قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلاّ رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء» [رواه البخاري].

وهذه الأيام العشر جمع الله فيها يوم عرفة يوم الحج الأكبر الذي ما رُؤي الشيطان في يوم أصغر ولا أحقر ولا أدحر منه في هذا اليوم لما يراه من تنزل رحمات الله على عباده إلا ما كان يوم بدر يوم الفرقان يوم التقى الجمعان!

وصوم يوم عرفة سنة مؤكدة لغير الحاج

عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال : (يكفر السنة الماضية والباقية) رواه مسلم وفي رواية له : (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده).

و فيها يوم النحر أفضل أيام العام، قال عليه الصلاة والسلام : «أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القَرِّ». (رواه أبو داود والنسائي )

ويوم القر هو يوم الحادي عشر الذي يلي يوم العيد حيث يقر الحجاج في منى بعد فراغهم من طواف الإفاضة.

ويستحب صيام الأيام التسع كلها من بداية الشهر ويختم بيوم عرفة.
عن حفصة رضي الله عنها قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام يوم عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة. (رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه)
وله أن يصوم ما تيسر له منها، ويتزود من باقي صنوف العبادات وأنواع الطاعات، كذكر الله تعالى وقراءة القرآن الكريم، والصدقة وصلة الرحم.
ولكل عبد عبادات هي أيسر عليه من غيرها فعليه أن يستكثر منها ويحصل الثواب الكبير فيها.

كما تسن الأضحية للقادر المستطيع صبيحة العيد تشبها بالحجيج، وإحياء لسنة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، وخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم الذي ضحى بكبشين أملحين أقرنين.

والأصل في الأضحية التوسعة على الفقراء وتفقد المعوزين لا سيما من يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف من أسر الشهداء والمعتقلين، فهم أولى من غيرهم وأحق، حيث فقدوا العائل أو مورد الدخل، وأنهكتهم مصاريف الزيارات والسفر إلى السجون والمعتقلات.

أسأل الله أن يعيد العيد على المسلمين وقد رُفع الظلم عنهم وكُشفت الغمة عن بلادهم وحقق الله مرادهم، إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى