مقالاتمقالات تربوية

دروس تربوية من القرآن الكريم- 4

 

فرج كندي

الدرس الرابع:
إن الذين يوصفون بأنهم أولو الألباب هم على هذه الحال {يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِم} أيضا {ويَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وهم يتضرعون إلى الله ضراعة حارة صادقة خالصة خالية من الشرك أو الرياء {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} فلأيٍ من هذه الحالات الأربع استجاب الله تعالى لهم: هل للتفكر؟ أم للتدبر؟ أم للذكر؟ أم للضراعة؟ هنا الدرس التربوي الذي ينبغي الوقوف عليه…. استجاب الله تعالى للذكر والفكر والتدبر والضراعة، ولكن ينبغي أن نتساءل هل استجاب لحالهم وهم على ذكر مجرد أو فكر مجرد، أو تدبر مجرد، أو ضراعة مجردة؟ أم استجاب حين تحول هذا كله إلى عمل {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ}

لم يقل سبحانه وتعالى: إنّي استجبت لكم حين بدأتم تفكرون بعقولكم …. ولم يقل سبحانه: إني استجبت لكم حين ذكرتموني بألسنتكم ….كذلك لم يقل سبحانه: إني استجبت لكم لمجرد مدكم أيديكم بالضراعة إليّ… إنما قال سبحانه: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ ٰ}.
نصت الآية على الأعمال لكي لا يتصور أحد أن الضراعة وحدها عمل، وأن الفكر وحده عمل، وأن الذكر باللسان وحده عمل يرضي الله سبحانه وتعالى فيقول للعبد: كفاك ما قدمت وقد استجبت لك! إنما نصت الآية على أعمال مشهودة محسوسة مرئية …. أعمال تغيّر الواقع الذي يعيشه الناس، لتبني الواقع الأفضل الذي أخرجت الأمة من أجله، وذكر هذه الأعمال بالذات في الآية لا على أنها هي الأعمال الوحيدة التي يطلبها الله سبحانه وتعالى من عباده، أو التي يرضى على عباده حين يقومون بها.

هذا هو المستفاد من آيات القرآن كلها، ومن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كلها… “أنه لا بد من عمل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى