مقالاتمقالات تربوية

دروس تربوية من القرآن الكريم 5

 

فرج كندي

الدرس الخامس

إن الانحراف عن خط الإسلام الأصيل الصحيح سرى، مع الأسف، في جسم الأمة وروحها وفكرها حتى صار الناس الآن إذا قيل لهم: لا بد لكم من عمل ليتقبلكم الله، يقولون: يكفينا أننا مصدقون … مؤمنون….. وتكفينا شهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، نطقناها بألسنتنا، فلم يعد لك أن تحمّلنا شيئا فوق ذلك.
هذه الفكرة المنحرفة التي نشأت عن الفكر “الإرجائي” مع غيرها من الأمراض؛ هي التي تقعد بالأمة اليوم عن العمل. ويقولون: انصرنا يارب! وهم لا يعملون بما كلفهم الله به ليعطيهم النصر، ويعطيهم التمكين، وهو منحة من الله سبحانه وتعالى يمنحها لمن يستقيم على طريقه. قال تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا } النور ٥٥ .
هذا هو الشرط { آمَنُوا }  {وَعَمِلوا الصَّالِحَاتِ} …. {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} .وهو أقصى ما تصبو إليه نفوس البشر في الأرض .. ولكن هذا الشرط ليس مجرد كلمة تقال؛ ليس مجرد وجدان داخل القلب … يقول الواحد منا: وكلنا يتوهم في نفسه ذلك ….
إن المسلمين اليوم الواقعين في قبضة أعدائهم، يستغلونهم، يشردونهم، يقتلونهم، يخرجونهم من ديارهم وأموالهم، يعتدون على حرماتهم وأعراضهم …  لماذا يُفعل بهم ذلك؟ لأنهم خرجوا عن الطريق والمسلك الذي رسمه الله للنصر والتمكين ….
لأنهم لم يعودوا يؤدون لله الشرط الذي اشترطه عليهم؛ لأنهم يقولون يكفينا الإيمان القلبي، ويكفينا الإقرار اللساني، وليس العمل داخلا في مسمى الإيمان.
لابد للمسلمين من العودة إلى الأصول: كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، لنفهم معنى حقيقة لا إله إلا الله فهما حقيقيا؛ فهي ركن الإسلام الأول وبابه الأكبر وعليها تقام كل أحكامه، فمن لم يدخل منه … هل يدخل في عداد عباد الله وهل يدخل في رحمة الله؟ الرحمة التي وسعت كل شيء، والله سبحانه وتعالى قادر على أن يدخل جميع الناس الجنة… ولكنه، سبحانه وتعالى، هو الذي بين أن الطريق إلى الجنة هو الإيمان والعمل الصالح …. لابد من عمل ليقبل الله ضراعة العبد وتفكيره وتدبره وفكره وذكره ليكفر عنه السيئات ويغفر له ما اقترف من ذنوب، ويدخل برحمته من شاء الجنة ويقيه عذاب النار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى