عاممقالات الرأي

سِرُّ حياةِ الأُمم!

أ. وليد المغربي

دعا بنا الشيخ في صلاة العشاء وقنت لأهل غـ.ـزة!.

فتعجبتُ وقلت تمرّ علينا أوقات ننسى ونقصّر حتى في الدعاء!، رغم أهميته العظيمة، وهو من أسباب النـ.ـصر إضافة إلى الأسباب الأخرى، وهو منتهى آمال العاجزين أمثالنا!…ومع ذلك نقصر!.. ما هذا الخذلان والعجز!.

فقلت لنفسي لماذا لا يدخل المرءُ مشروعًا أو برنامجًا أو يُنشِئ ذلك، ينصر به الأمة في جانب من جوانبها، حتى تعزّ وتظهرُ على القوم الكافرين!.
ويجعل همّ الأمة حاضرًا في كلِّ ساعة!.
ويكون لبنةً مهمة في نهضتِها وسبيل عِزّتها!.

يُشارك أو ينشئ مشروعًا…
إغاثيًا مُنظمًا…
أو إعلاميًا هادفًا مُبصّرًا ومُنذرًا ومبشرًا.
أو علميًا تربويًا…
أو عسكريًا تدريبًا…
أو صناعيًا تقنيًّا…إلخ.

وبذلك يكون سهمًا مُتحفّزًا ينتظر الانطلاق لنصرة الأمة ونصرة قضاياها!.

فإذا دعتْهُ لبّى، وكان على أتمّ الإعداد والعتاد!.

﴿وَأَعِـ.ـدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ!﴾

ومن قرأ تاريخ عظماء الرّجال من أمتنا وأنعَم النظر في سِيَرِهم وما حقّقوه من نهضات وحضارات وعزّة ورفعة، يجدههم بدؤوا بخواطرَ وآمالٍ وأفكار!، كانت في نظر العاجزين والضّعفاء أضغاث أحلام!.
ثم بعدَ أن أمّلُوا هَمّوا، ثم عزموا حتى حقّقوا ما يرجون!.

إن دخولك في بناء الأمة، بمشروع أو برنامج في عملٍ منظّم دائم وجماعي، يجعل القضية حاضرةً معك في كلّ لحظة فإن غفلت ذكّرك الصّالحون…

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا!﴾
وإذا تعبت أسندوك، وإذا أخطأت قوّموك!.

وهذا العمل اليومي الدائم يجعل الأمر يغلبُ عليك، والأمة حاضرة في وجدانك، فتُجِيّش لها مشاعرك وأحاسيسك، وتفكر فيها، وتسخر لها إمكانياتك، بل هي التي تصنعك وتفجر طاقاتك الكامنة، وتجعلك رجلًا بحقّ؛ الرّجولة في العرفِ القرآني…

﴿ مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا!﴾

﴿ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَٰرَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلْأَبْصَٰرُ ﴾

تولّج الأمر وادخله، فإنك غالبٌ بمشيئته -تعالى- ﴿ وإنّ جندَنا لهم الغالبون!﴾
وعندها ستحقق الغايات والآمال!.

وقديمًا قالت الحكماء: “حقائق اليوم أحلام الأمس وأحلام اليوم حقائق الغد!” وكثيرًا ما كان يرددها أستاذُ الجِيل حسن البنا -رحمه الله- ومن جميل ما اختطّه قلمه:

“إن الرّجل سّرُ حياة الأمم و مصدر نهضاتها، و إن تاريخ الأمم جميعًا إنما هو تاريخ من ظهر بها من الرّجال النابغين الأقوياء النفوسِ و الإرادات، و إنّ قوة الأمم أو ضعفها إنما تقاس بخصوبتها في إنتاج الرجال؛ الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة!..و إني أعتقد – و التاريخ يُؤيدني – أن الرّجل الواحد في وسعِه أن يبني أمةً إن صحّت رجولته، و في وسعه أن يهدمها كذلك إذا توجهت هذه الرجولة إلى ناحية الهدم لا ناحية البناء!”

جعلنا الله وإيّاكم من جنده الغالبين وحزبه المُفلحِين!.

ونصر غـ.ـزّتنا وأمّتنا!.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى