عاممقالاتمقالات تربوية

صرخة من وجدان القرآن إلى ضمير الإنسان

🔖 أ. محمد العوامي

● في زمنٍ تتكاثر فيه الأزمات وتتوارى فيه الأصوات، تخرج إلينا آيات القرآن لا ككلماتٍ تُتلى، بل كنبضٍ حيّ يُذكّر، ويهزّ الضمير من غفلته.
ومن أبلغ ما يطرق القلوب، قول الله جلّ جلاله:

﴿ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا﴾
📖 سورة المائدة – الآية 32
● ليست مجرد دعوة لإنقاذ جسد من موت، بل نداءٌ رباني لإحياء الإنسان… كل الإنسان.
○ تأمل عظمة المقابلة: نفس واحدة تُقابل البشرية كلها!
كم هي كبيرة هذه المسؤولية؟ وكم هو عظيم أثر من يستجيب؟
○ وإذا نظرنا إلى واقع اليوم، فلا نجد مثالًا أفصح ولا أوجع من غزة، التي تقف وحدها في وجه الموت والجوع والحصار.
▪︎ فأين هذه الآية من واقعها؟ بل من واقعنا نحن؟
● لقد جعل الإسلام حفظ النفس من أُسس هذا الدين، بل واحدة من الكليات الخمس التي لا يكتمل الدين إلا بها:
الدين، النفس، العقل، العرض، المال.

○ وفي حديثٍ يهزّ القلب، قال النبي ﷺ: “لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم” – رواه الترمذي.
○ وقال أيضًا ﷺ: “لا يرحم الله من لا يرحم الناس” – متفق عليه.

● ليس هناك مكان في هذا الدين لتهاونٍ في الدم، أو غفلة عن الأرواح.
● فكل نفس تُزهق ظلمًا، هي قضية شرعية وإنسانية.
¤ يقول ابن عاشور في تفسيره:
“إحياء النفس يشمل إنقاذها من الجوع، من الظلم، ومن القتل.”
¤ ويُضيف سيد قطب في ظلاله:
“الآية ترسم قيمة الإنسان في ميزان الله، وتلزم البشرية كلها أن لا تحتقر روحًا.”

■ الرسالة واضحة:
إنقاذ نفس واحدة يعادل إنقاذ أمة كاملة.

📍 غزة… ترجمة حيّة للآية
ما يحدث في غزة ليس مجرد مشهد سياسي أو معركة عابرة، بل اختبارٌ حقيقي لمدى فهمنا للقرآن.
حين يموت الأطفال بسبب نقص الدواء، أو يجوع الكبار تحت الحصار، فهذه جريمة جماعية.
أما الصمت… فهو ليس حيادًا، بل شكل من أشكال الاشتراك في الجريمة.

○ الإمام ابن القيم يقول:
“من تسبب في هلاك نفس، كان كمن باشر القتل، بل ربما أعظم.”
○ وفي فقه الحنابلة:
“من مات جوعًا وله جارٌ غني لم يطعمه، فعلى الجار ديته.”
○ وفي حديثه ﷺ: “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يُسلمه…” – رواه البخاري.
○ فهل أسلمنا إخواننا؟ أم نكون ممن يحييهم؟

✊ كيف نُحيي الناس جميعًا؟
الإحياء لا يعني فقط أن تُنقذ شخصًا من الموت المحقق.
بل أن:
○ ترفض الصمت أمام الظلم.
○ تدعم الإغاثة بكل وسيلة.
○ تضغط سياسيًا وقانونيًا لفك الحصار.
○ ترفع صوتك وتكشف الحقيقة.
○ تدعو… ولكن وتعمل أيضًا.

● هذه الآية ليست للوعظ فقط، بل للمحاسبة:
“ومن أحياها” لا تُقرأ فقط، بل تُعاش.

○ من يستجيب لها… يُحيي.
ومن يسكت… يُشارك في موتٍ لا يراه، لكنه يُحاسَب عليه.

● غزة لا تحتاج إلى العاطفة، بل إلى الفهم والصدق والعمل.

📢 فهل سمعنا النداء؟
“ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا”…
فهل نُحيي؟ أم نختار الصمت؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى