الكلمة الأسبوعية

في ذكرى الهجرة النبوية الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الكريم المتعال، الحي القيوم، والصلاة والسلام على المبعوث بالهدى والنور، وعلى آله وأصحابه، نجوم الهدى، وبدور الدجى، وعلى التابعين وتابعيهم إلى يوم الدين.
تحلّ علينا ذكرى هجرة الحبيب المصطفى  وأصحابه من مكة إلى المدينة، فتذكرنا بانصرام عام انقضى وبداية عام جديد، تقول لنا إن حياتك أيها المسلم إن هي إلا تلك الثواني والدقائق والساعات والأيام والشهور التي عشتها خلال هذا العام المنصرم، فإذا كان الله قد أنعم عليك فمدَّ لك في العمر لتعيش ساعات أو أياما أو شهورا أخرى فاغتنمها، لأنها إما أن تكون شاهدًا لك أو عليك.
تمر بنا هذه الذكرى فتقول لنا لقد هاجر النبي وأصحابه في مكة من ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام، قبل أن يغادروا ديارهم إلى دار أخرى، هَجروا عادات سيئة اعتادوها إلى عادات وسلوك جديد يرضي الخالق ويسعد به المخلوق، ولذلك جاء في الحديث “المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسَانِهِ ويَدِهِ، والمُهَاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه” رواه البخاري.
تمر بنا هذه الذكرى لتقول لنا إذا أردتم أن تبنوا وطنا، وتقيموا دولة فتذكروا قول المولى تعالى  ٱلَّذِینَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا۟ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡا۟ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ (٤١﴾ الحج. فاعتصامنا بحبل الله واجتماعنا على ما يرضيه ونصرنا لدينه في أنفسنا وواقعنا هي أسس هذا البناء.
تمر بنا هذه الذكرى لتقول لنا إن هذا الدين ما وصل إلينا إلا بجهاد النبي وأصحابه والتابعين وتابعيهم إلى يومنا هذا، وهي مهمتنا وواجب علينا أن نوصله إلى من بعدنا نقيا كما وصل إلينا.
تمر بنا هذه الذكرى لتقول لنا إن الأخذ بالأسباب واجب، وبذل الجهد المستطاع فرض، واليقين بأن النصر من عند الله إيمان ينعقد عليه القلب، موقنًا بأن الله سيجعل لنا مخرجا كما جعل لرسوله مخرجا من كل كرب واجهه، أو شدة ألمت به.
تمر بنا هذه الذكرى لتذكرنا بأن قوتنا في وحدتنا، وعزنا في ديننا، فنسارع إلى رص صفوفنا وبناء الثقة فيما بيننا، ونزيل كل عوامل الفرقة والتنازع، لأن استمرار هذا التنازع وهذه الفرقة لن يزيد الأمر إلا سوءا، ولن يحفظ وطنا ولا مالا ولا نفسا.
اللهم تقبل منا عاما مضى، واغفر لمن قضى نحبه، وأصبح في جوارك، واحفظ على الحق من بقي على قيد الحياة، واجعل عامنا القادم عام خير وأُلفةٍ ومحبة ووئام، وأعنا على بناء وطننا، واحفظه من كيد الكائدين، واجعله دار أمن و‏أمان، وسائر بلاد المسلمين، يا رب العالمين، والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى