الكلمة الأسبوعية

في ظلال يوم عاشوراء

الكلمة الأسبوعية

د.سالم أبوحنك

بسم الله الرحمن الرحيم

في ظلال يوم عاشوراء

جاء في الصحيحين أنَّ رَسُولَ اللهِ قَدِمَ المَدِينَةَ فَوَجَدَ اليَهُودَ صِيَامًا، يَومَ عَاشُورَاءَ، فَقالَ لهمْ رَسُولُ اللهِ: ما هذا اليَوْمُ الذي تَصُومُونَهُ؟ فَقالوا: هذا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللَّهُ فيه مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ: فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بمُوسَى مِنكُم فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ، وَأَمَرَ بصِيَامِهِ.
وهكذا كانت سنته في الحوادث التي تقع فيها النعم أن يقابلها بالشكر لله تعالى بطاعته، فقد سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ، قالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ. ونحن أولى باتباع النبي في هديه والاستنان بسنته حينما نتذكر نعم الله علينا في يوم من الأيام أن نقدم طاعة الله ونتقرب إليه بما تيسر من الطاعات.
إن شكر النعم مدعاة لزيادتها وربنا يؤكد ذلك ويقول سبحانه: “وإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”، والعبد المؤمن أحوج ما يكون إلى استمرار نعم الله عليه والزيادة فيها، وهو أيضا يقابل الحسنة بمثلها والكرم بالكرم، وأيضا يعلمنا رسول الله ذلك، فقد كان يقوم من الليل حتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فقِيلَ له: غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ، قالَ: أفلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا.
وبالمثل عندما يكون التعامل بيننا لابد أن نقابل الحسنة بمثلها أو بأفضل منها، لقوله تعالى: “وإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّة فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا”، ونتجاوز عن المسيء لقوله تعالى: “وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰما”، وهكذا هو حال المسلم مع الناس أجمعين، هيّن ليّن سهل معين يبذل الخير لكل الناس ويشكر للمحسن إحسانه، ويتجاوز عن المسيء عسى الله أن يتجاوز عنه.
ومن دروس عاشوراء نتعلم فضل الله على عباده، وأنه يجازي بالقليل الأجر والثواب العظيم، فقد قال الحبيب المصطفى: (صيامُ يومِ عاشوراءَ، إنِّي أحتَسِبُ على اللَّهِ أن يُكَفِّرَ السَّنةَ الَّتي قبلَهُ)، وهذا من جميل فضل الله على عباده أن جعل لهم من المواسم ما يضاعف لهم به الأجور ويزيدهم من فضله.
ويذكرنا يوم عاشوراء بإنجاء الله موسى عليه السلام وقومه من جبروت الظلم والطغيان، فنزداد ثقة بأن الله كما أنجى موسى وقومه سينجينا من القوم الظالمين، وسيخرجنا من هذا الحال إلى أحسن حال إذا أحسنا الظن بالله وقابلناه بالطاعات وفعل الخيرات وترك المنكرات، وما ذلك على الله بعزيز.
“ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال”
اللهم غير حالنا إلى أحسن حال، وارفع الهم والغم عنا كما رفعته عن رسولك موسى عليه السلام وقومه، اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى