الكلمة الأسبوعية

كلمة بمناسبة السنة الهجرية الجديدة 1443هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد
أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعدني ويشرفني أن أتقدم إليكم في نهاية العام الهجري 1442 وبداية العام الجديد 1443هـ باسم جمعية الإحياء والتجديد؛ بأجمل التهاني وأطيب التبريكات راجيا المولى سبحانه أن يجعله عام خير وبركة ويسر، وأن يوحد فيه بيننا ويجمعنا على كلمة سواء، وأن يهل شهر محرم الحرام باليمن والأمان والسلامة والإسلام.

إخوتي -أخواتي

د. سالم أبوحنك
د. سالم أبوحنك رئيس جمعية الإحياء والتجديد

تذكرنا هذه المناسبة بحدث مهم من أحداث تاريخ أمتنا وسيرة نبينا محمد ﷺ ألا وهو الهجرة المشرفة- والتي جعلها سيدنا عمر رضي الله عنه بداية التأريخ لهذه الأمة- هذه الهجرة التي كانت بداية تكوين وبناء وأساس قامت عليها أمة الإسلام فيما بعد، ومنها نتعلم وندرك الأسس التي ينبغي علينا أن نجعلها نصب أعيننا لنبني دولتنا ووطننا ليبيا.
أول هذه الأسس: التضحية العظيمة بالنفس والمال والجهد والوقت وكل شيء، فقد ترك رسول الله ﷺ وأصحابه ممتلكاتهم وأهليهم في سبيل نصرة هذا الدين وبناء كيانه.

 

ثانيها: الثقة بالله تعالى ونصره، والاطمئنان الى عناية الله بأنبيائه وأوليائه، وهذا جلي واضح في قوله ﷺ “يا ابابكر ما ظنك باثنين الله

ثالثهما “، وكيف منع الله سراقة بن مالك من الوصول الى رسول الله ﷺ وبشارته ﷺ بعد ذلك لسراقة بن مالك بأن يلبس سواري كسرى، والثقة بالنفس وما أودعه الله فيها من إمكانات وقدرات، نرى ذلك في الوسائل والأساليب التي استعملها الرسول ﷺ خلال هجرته المباركة من مكة إلى المدينة.

وثالثها: اتقان التخطيط، وهذا ما نراه واضحا جليا في الخطة التي وضعها رسول الله ﷺ ابتداء من اختيار الرفيق والدليل الى العدة والمتاع الى الحركة وخط السير.

ورابعها: توظيف الطاقات من شباب وكهول ومن رجال ونساء؛ كل حسب قدرته وامكاناته وفي الوقت المناسب، فاستعمل علي بن ابي طالب وهو الشاب اليافع، واستعمل السيدة أسماء وهي المرأة الذكية اللبيبة، واستعمل عبد الله بن عمر وهو رجل الاستخبارات الواعي الفطن، كما استعمل رجلا ليس على دين رسول الله ﷺ ولكنه محل ثقة وأمانة، كما أنه خبير بما طلب منه.
وخامسها: التأكيد على البناء الإيماني في نفوس المؤمنين ببناء المسجد مركز التربية الروحية، وترسيخ وتقوية رباط الأخوة بينهم من خلال نظام الأخوة الذي وضعه الرسول الكريم ﷺ بين أصحابه أجمعين، والأخذ بكل أسباب القوة المادية الممكنة، وذلك بتوفير المال اللازم ووضع النظم والمواثيق التي تحفظ الكيان الجديد.

هذه مجموعة من الدروس المستفادة وهناك غيرها الكثير من الصبر وعدم اليأس وانتظار الفرج والثبات على الحق ونصرته، ولكننا نود أن نؤكد على أن ديننا يدعونا إلى العمل، وبذل الأسباب، وقبل ذلك وبعده، حسن التوكل واليقين بنصر الله وتوفيقه، وأن نعتمد على أنفسنا، ونثق بها.

كما لا يفوتني ان أذكركم جميعا بأيام الخير والبركة من شهر الله المحرم وخاصة يوم العاشر منه والذي أنقذ الله فيه موسى عليه السلام وقومه المؤمنين من براثن الظلم والجبروت، واهلاك الطغاة والمجرمين؛ فرعون وجنده، “وما يعلم جنود ربك إلا هو “. فقد سنَّ لنا رسول الله ﷺ صيام يومي التاسع والعاشر شكرا لله على نعمته واعترافا بفضله ومنته.

وأخيرا نهنئكم بدخول العام الجديد، وكلنا أمل وثقة بالله أن يجعله عام يسر ورخاء، وأن يرفع عنا فيه البلاء، ويوحد البلاد، ويؤلف بين قلوب العباد، ويحفظنا وأهلنا وبلادنا والمسلمين أجمعين من كل سوء وداء، وأن يعم الرخاء والهناء أرجاء الأرض وتعود الحقوق لأهلها، وتطمئن النفوس وتترابط القلوب، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى