كليمة، عن ” أم ” الفضائل

الشيخ د. ونيس المبروك
*************************

الصدق ليس مجرد فضيلة يُثاب فاعلها فقط ، بل هو مفتاح “كل” أبواب النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة،. . . هذا ما تؤكده حركة الحياة والاجتماع البشري،
أما الكذب فهو مستنقع الفشل ومفتاح أبواب الشر، وإن إنخدع صاحبه بما حقق من سراب مؤقت

الصدق عِماد العلاقة بين الجنسين في الزواج
فكم من بيتٍ هُدَّ بعد وِد بسبب الكذب

والصدق عِماد العلاقةبين الأخلاء في الصداقة
وكم من إخاء تكدر بعد صفاء بسبب الكذب

والصدق عِماد العلاقة بين الشريكين في التجارة
وكم من تجارة بارت بعد انتشاء بسبب الكذب

والصدق عماد العلاقة بين الحاكم والمحكوم في السياسة
وكم من مُلك نُزعَ بعد استواء بسبب الكذب

والصدق عِماد علم الفقيه وخطاب الداعيةوموعظة الناسك
وكم من علمٍ لم ينفَعْ، وقولٍ لم يُسمَع بسبب الكذب .

ومن شؤم الكذب، أن الله تبارك وتعالى جعل قلوب الكاذبين أوكارا تأوي إليها مردة الشياطين ، قال تعالى “هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ* تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ* يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ”

ولا شيء يظهر مروءة الرجل وصفاء معدنه، كانتهاجه الصدق وكراهيته للخديعة،فهناك تلازم ونسب، بين ضعف الشخصية والكذب؛ فضعاف النفوس عادةً ما يُجبرون ضعفَهم بالتفنن في إظهار ما لا يُبطنون، و إخفاء ما يُضْمِرون؛ قالت العرب :
لا يكذبُ المرءُ إِلا من مهانتِه .. أو عادةِ السوءِ أو من قلةِ الأدبِ

وأقبح الكذب وأخفاه، ما كان نصفه الصدقُ !
ولا يجتمع الكذب ونور الإيمان في قلب واحد، قال تعالى “إِنَّما يَفتَرِي الكَذِبَ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِآياتِ اللَّـهِ وَأُولـئِكَ هُمُ الكاذِبونَ ”

ومن رحمة الله تعالى بعباده، أن خفف عنهم سلطان الكاذبين بأمور :
أولها : أن الله تعالى جعل في سلوك الكاذب ما يفضح طويته؛ مِن لحنٍ في القول، أو تناقضٍ في السرد ، أو وميض في العين، … والعرب تقول :
ومهما يكن في امرء من خليقة * وإن خالها تخفى على الناس تعلم

وثانيها : أنه من خدعَ الناسَ مرارا، وتعذَّر عليهم معرفة خبيئته، فإن اللهَ يكشف كذبَه ويهتك سترَه طال الزمن أم قصر ، لأنه – سبحانه – تكفل بإخراج ما يكتم المخادعون ” والله مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ”

اللهم طهر ألستنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة، وأدم علينا عافيتك وسترك في الدنيا والآخرة .

#_بداية_الإصلاح_وعيٌ