لا لمراحل انتقالية أخرى نعم لانتخابات تشريعية عاجلة
بسم الله الرحمن الرحيم
لا لمراحل انتقالية أخرى
نعم لانتخابات تشريعية عاجلة
منذ أن انتهت دورة المؤتمر الوطني الانتقالي، وبدأ مجلس النواب ممارسة مهامه، وبسبب سوء إدارة الموقف من البرلمان، وما نتج عنه من تنازع بين أعضائه، وحكم المحكمة الدستورية ببطلان مخرجات لجنة فبراير، وما أعقبه من تنازع للشرعية بين المؤتمر الوطني الذي استعاد شرعية وجوده بحكم المحكمة، ومجلس النواب المصرّ على شرعية انتخابه، وما تلا ذلك من أحداث، إذ بدأ الانقسام يأخذ أشكالا متعددة، وبدأ التدخل الدولي والإقليمي، والدخول في الاتفاقيات السياسية والمراحل الانتقالية، وحالة الحرب التي دخلت فيها البلاد، وما نتج عن ذلك من تهجير وقتل وسفك للدماء وانتهاك للحرمات، مما جعل الوطن عرضة للتدخلات الأجنبية، الإقليمية والدولية، كما أنها أصبحت مجالا للفوضى والفساد وسوء الخدمات، فضلا عن احتمال خطر الانقسام.
لاشك أن كل الليبيين يريدون الاستقرار، ووحدة الوطن، والاستفادة من خيراته، وأن يعم الأمن والسلام ربوع الوطن، ويعيش الناس في رغد وسعة، ينعمون بخدمات طيبة وجميع احتياجاتهم متوفرة، وأيضا مما لاشك فيه أن هذا لن يكون في ظل هذا الانقسام والتنازع، وكما استطعنا أن نبعد شبح الحرب والاقتتال، فبإمكاننا أن نزيل هذا التشرذم والانقسام، خاصة أن الجميع متفق على ضرورة انتخاب مجلس تشريعي جديد، يمكن أن يكَوِّن حكومة موحدة، ويوحِّد أيضا المؤسسات السيادية، ويعمل على تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة المبنية على العدالة الانتقالية، وعندها يمكن عقد انتخابات رئاسية في ظل وطن موحد ومستقر.
من الضروري أن يدرك الجميع أن ترك مصير البلاد للتحركات الدولية والبعثة الأممية لن يوصلنا إلى النتيجة التي نريدها، فتضارب المصالح بين هذه الدول قد يمدد أمد الصراع، ويزيد من النزف الذي أصاب البلاد، ويمنع الوصول إلى حالة استقرار دائم في ظل دستور متفق عليه، بل يسعون لإيجاد حالة انتقالية جديدة؛ لتخفيف الاحتقان وتخدير الناس إلى أمد غير معلوم، وهكذا كلما زادت المشاكل والصعوبات انتقلوا بنا إلى حالة انتقالية جديدة.
وهنا يتساءل البعض، وماذا يمكن أن نفعل لنصل إلى تحقيق الهدف والوصول إلى انتخابات تحقق المبتغى؟
بطبيعة الحال الإجابة هي واجب على كل فرد في هذا المجتمع، كلٌّ بحسب حاله وموقعه، ولابد أن يستشعر الجميع الخطر الذي يحدق بنا والمصير السَّيئ الذي ينتظر أبناءنا إذا تركنا الأمر يسير حسب رغبة الطامعين والانتهازيين في الداخل والخارج، دون أن نقف جميعا لنمنع هذا العبث الذي يجول في البلاد ويعيث بها فسادا.
تكوين رأي عام قوي وعارم ينادي بالتعجيل بانتخاب مجلس تشريعي جديد؛ خاصة أن جميع الأطراف متفقة على هذا الأمر، ويمكن تأجيل الانتخابات الرئاسية مادامت محلا للخلاف. هذا الرأي العام لابد أن يساهم فيه الجميع، ولابد أن تكون المطالب واضحة وضوح الشمس في كبد النهار: التعجيل بالانتخابات التشريعية دون الرئاسية، من خلال وضع القاعدة الدستورية أو الرجوع إلى القاعدة الدستورية التي انتخب على أساسها المؤتمر الوطني.
هذه المطالب يجب العمل عليها في خطوط متوازية:
أولا: لابد أن تقوم الأحزاب بتكوين تكتل ضاغط على المجلسين النواب والأعلى للدولة للخروج بقاعدة دستورية مناسبة للجميع، ويجب استعمال كل وسائل الضغط الإعلامية والسياسية ومن خلال التواصل مع البعثة الأممية للضغط في الاتجاه ذاته.
ثانيا: مؤسسات المجتمع المدني عليها دور لا يقل أهمية عن دور الأحزاب السياسية في هذا الخصوص، من خلال عقد اللقاءات والندوات والظهور الإعلامي للمطالبة بالإسراع في عقد انتخابات تشريعية قريبة جدا.
ثالثا: على وسائل الإعلام المختلفة، والمنصات الرقمية، ومنصات التواصل الاجتماعي، القيام بحملة ضغط إعلامي على كل الجهات المسؤولة للقيام بواجبها تجاه هذا الموضوع وتوفير كل وسائل وقواعد وضمانات العملية الانتخابية حتى تكون في أفضل صورة وتحقق أفضل النتائج لصالح الوطن والمواطن.
وهنا يجب التنبه إلى عدم استعمال ما يمكن أن يستغل لصالح إحداث الفوضى، أو الفراغ السياسي الذي قد يقود البلاد إلى حروب جديدة، أو يكون ذريعة لأي تدخل أجنبي تكون عواقبه سيئة على البلاد والعباد.
اللهم أبرم لهذه البلاد وسائر بلاد المسلمين أمر رشد يعز فيه دينك، ومن أراد بالبلاد والعباد خيرا فوفقه لكل خير، واحفظنا وبلادنا من كل من يريد بنا وبها شرا، يا رب العالمين، {إِنۡ أُرِیدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِیقِیۤ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ} والحمد لله رب العالمين.