لكي تهدم الباطل عليك أن تبني الحق !!
✍️ : د. إدريس أوهنا
ذكرى النكبة: 15 مايو 2024.
أكدت التجارب التاريخية أن التوجه رأسا إلى هدم الباطل تكون فاتورته فادحة جدا، وغالبا ما يؤول إلى الفشل والفتنة؛ ولذلك أفضل طريق لإزهاق الباطل وهدمه هو إقامة الحق وبناؤه.
وهذا القانون الجيو سياسي التاريخي، هو ما نطق به الوحي صريحا، قال تعالى:
{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}.
والتعبير القرآنى البليغ ، يرسم هذه السنة الإلهية فى صورة حسية متحركة، وكأن الحق قذيفة تنطلق فتهوي على الباطل فتزيله.
أردت هدم الباطل، سياسيا كان، أو اقتصاديا، أو فكريا تصوريا، أو غير ذلك، بادر إلى بناء الحق النقيض له، بعزم أكيد، وقوة ناعمة. وفي هذا السياق لا تحقرن من المعروف شيئا، عينك على ما يصلح حال الأمة ويقيم الدين فيها، وعقلك ويدك على ما يسهم في بناء ذلك الصرح المجيد.
“طوفان الأقصى” بسواعد أبنائه المتوضئة، وعقولهم المتحررة، وقلوبهم الطاهرة، ونفوسهم الزكية، وسعيهم الحثيث، بنوا في زمن قياسي غير مسبوق (منذ 7 أكتوبرإلى الآن) طوابق مهمة في ذلك الصرح المجيد.. فلا يفوتنك أن تضع في الصرح لبناتك، وتبصم على جدرانه بصماتك !!
حول انفعالك إلى فعل، وغضبك إلى إنجاز.
آن الأوان لنا معشر العرب والمسلمين أن نتحول من ظاهرة صوتية عاطفية، إلى فعل علمي عملي، كل يدلي فيه بدلوه، ويلقي فيه بسهمه، من غير تحقير لمعروف وإن قل، ولا تعظيم لعائق وإن أطل !!
بناء الفكرة في المجتمع، وإيقاظ الهمم، ونشر الوعي، والتأثير الإيجابي، كل من موقعه، وبما يحسنه ويطيقه، في العالم الواقعي، وفي العالم الافتراضي، وبأشكال فردية ومؤسساتية، كفيل بهدم قواعد الباطل، إعلاميا كان، أو سياسيا، أو اقتصاديا، أو اجتماعيا، داخليا كان أو خارجيا !!
“اليهود” عملوا بأشكال ناعمة قرونا عديدة من أجل بلوغ مراميهم الخسيسة الخبيثة، حتى تمكنوا من التحكم بشكل كبير -وعلى قلتهم- في مراكز النفوذ والقرار في العالم، ولولا أن شرورهم فاقت كل الشرور، وأباطيلهم لم ير مثلها على مر الدهور، لسادوا لزمن طويل !!
ولا سبيل اليوم لهدم باطلهم من أساسه، وكنس فسادهم عن آخره، إلا ببناء الحق المقاوم، بركوب طوفانه على كافة الأصعدة والمستويات، وبحس رسالي لا يخطئ اتجاه البوصلة، ابتغاء مرضاة الله بالأصالة، وسعيا إلى التحرير الشامل بالتبعية.
وكل سعي في غير هذا المسار والاتجاه، كإثارة النعرات، وإشعال نيران الفتنة والفرقة بين “الجزائر” و”المغرب”، وبين “السنة” و”الشيعة”، وبين “الأمازيغ” و”العرب”، أو غير ذلك من النعرات المسمومة، والأحقاد المذمومة، فهي في الحقيقة خادمة -أدرك أصحابها ذلك أم لم يدركوه- للصهيونية، والمخططات الغربية المعادية للإسلام والمسلمين، وقس على ذلك الاشتغال بالتفاهات، والانصراف إلى الأهواء والشهوات… !!
بكلمة واحدة جامعة: لكي تهدم الباطل اجعل سعيك أساسا في بناء الحق !!