اجتماعيةمقالات

لماذا حراسة الهُويّة؟

أ. مصباح الورفلي

بادرني أحد الأصدقاء بسؤال؛ مستفسِرا عن سبب تركيز الجمعية على حراسة الهُويّة المذهبية، و”التدكين” عليها بخاصة في منشوراتها الأخيرة، من كتبٍ ورسائل ومقالات وبرامج مرئية..
سؤال جدير بالإجابة عنه حقيقةً، ولكن في الآن نفسه دفعني لطرح سؤال مقابل لسؤاله حول واجبنا الشرعي تجاه حراسة قيمنا وهويّتنا أمام الأفكار الدخيلة، التي باتت تشكّك فيها بدائل تطرح ليست من موروثنا الثقافي، فضلا عن غيرها التي تتنافى وقيمنا الإسلامية؟ فلم يجد صديقي ردّا عليه سوى بالتثمين والإشادة ..
الأمر ليس محاولة للتدثّر وراء الهُويّة المذهبية التي تجمع بلادنا وبلاد المغرب الإسلامي جميعا، وباتت خياراتنا لعدة قرون، أو دعوة للتعصّب المذهبي؛ بقدر ما هو إحياء لهذا الموروث وغربلته مما علق به من شوائب، أو بأذهان أبنائنا نحوه..
هذا الموروث تعرّض للإهمال لسنوات ولم ترع الدولة أهميته إلا مؤخرا، بالإضافة إلى حملات التشويه لمناراته العلمية التي اعتكفت على تدريسه، والانتقاص من أعلامه، وتبديعهم؛ فكان عرضة للنقد وللمقاطعة ومحاولة الاستبدال.
ومن منطلق واجبنا حول حراسة قيمنا وهُويّتنا، هنا لابد أن نشير إلى أن عامل البيئة المذهبية مهم جدّا لا يمكن تجاوزه، صحيح قد تضعف وتتعرض لعوامل خارجة إلاّ أن جذورها باقية وضاربة بها، فأي منجز معرفي وعلمي خارج هذه البيئة ومحاولة تبيئتها وتهجينها لن يستمر إلاّ في إطار التنوّع المعرفي والمذهبي في حيّزه المقبول، لا يُغالب ولا يطبّع الأغلبية بطابعه ..
إحياء الهُويّة المذهبية وتجديدها وغربلتها من الغث والخرافات، وإنارة مناراتها العلمية وإكبار أعلامها وتقديرهم، وسط حالة من التشريق المبالغ فيه رثاءً وتقديرًا وإجلالاً التي نشهدها في مؤسساتنا الدينية الرسمية وغير الرسمية، واجب شرعي ووطني يدفعنا للذود عنها والحفاظ عليها ..
صديقي وأخي القارئ قبل أن توجّه لي السؤال، اسأل نفسك مستذكِرًا هذا الموروث، أين أنت من حراسة هويّتك أمام هذا التشريق؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى