مقُولات سامّة
الشيخ د. ونيس المبروك
المناهج والأفكار مهما نضُجَت وتكاملتْ بحسب منظورنا البشري القاصر، إلا أن شأنها شأن أي بناء مادي حسي؛ له قواعد وأعمدة وجدران وتقسيمات وتأثيثات، . . . تحتاج “دائما” إلى:
استكمال ما غُفل عنه قبل البناء .
وترميم ما تهالك أو استُهلِك بعد البناء .
وتجديد ما اقتضى تبدل الأحوال والزمان تجديدُه، بل استبعاده وتبديده ! !
ليس لظهور باطلِه وشرِه، ولكن لأنه استوفى دورَه وأدى ما عليه .
وهذا الاستكمال، والترميم، والتجديد؛ جزءٌ لا يتجزأ من عملية الإنشاء والإعمار في عالم العِمران، كما أنه جزء لا يتجرأ من عملية التغيير والإصلاح في عالم الافكار
هناك بعض “المقولات” التي يعدُها بعضُنا من المُسلّمات، هي عندي أقرب للسموم التي تصيب الفكرَ وتعوق مسيرةَ التجديد والإصلاح،
• ومن هذه المقولات: مقولة ” البديل ” :
فلا تحدثني عن خطأ ولا تنتقد أمرا؛ مادمت لم تأت ببديل
• ومن هذه المقولات: مقولة ” صحيح في غير أوانه ”
فنقدُك صحيحٌ، والتصويب أمانة، والتحذير واجب،ولكن نحن في أزمةٍ ومِحنة ونخشى على ضعاف العقول من ” الفتنة”؛ فلنتواصى بالصمت والسَتْر !
أرأيت لو جلس بجوارك في كرسي القيادة ميكانيكي خبير، وتحسّسَ خللاً ما في سيارتك – بحكم خبرته الواسعة- ثم قال لك إن سيارتك على وشك العطل الكلي أو الجزئي، بسبب عَطَبٍ في ذاك الجزء من السيارة، واحتياجك لقطعة غيرها ،
هل ستقول له : كلامك مردود، ونقدك مُريب، حتى تأتني بقطعة غيرها، أو تقدم لي بديلا ؟!
أصعب مراحل العلاج هي دقة ” التشخيص”
فهل نقول للطبيب الماهر الذي استطاع أن يكتشف سر العلة ومكان المرض، لا أقبل تشخيصك ووصفك، حتى تستأصل العضو المريض، أو تزرع لي البديل، أو تصف لي الدواء .
هذا عن المقولة الأولى ،
أما الثانية، فأُبشِر أصحاب هذا ” الشرط ” أن الوقت الذي ينتظرونه لن يأت أبدا، ولو أن القرآن سار على نهجهم، لما انتقد أهل أحد وأكد هزيمتهم وانتقد سلوكهم ، وجراحهم المادية والمعنوية لم تندمل بعد .
هذه ليست إدانة لهذه المقولات “من كل وجه ”
لكنها دعوة لمن يوظف هذه المقولات لتخدير عزائم الشباب وتسميم عقولهم، ورجاء أن لا يجعلوا من حكمتهم الزائدة و” أدويتهم” سُماً لعقول الشباب ، وعائقا من عوائق التجديد والإصلاح .