مقالاتمقالات تربوية

منهج الصحابة في نشر الدعوة.

الشيخ محمد الغزالي

وانطلق صحابة محمد وأتباعه في أقطار الأرض يحملون البلاغ السماوي الأخير. وأنطلق الصوام القوام يحملون الخاشعون المخبتون إلى كل فج عميق. يعرضون الإسلام على الناس، باللغة العالمية التي يفهمها أهل الأرض كلهم جميعاً، لغة الخلق الزكي، والسلوك العالي، نعم، إن الجيل الذي حمل الإسلام، عبر به الأبعاد الشاسعة رأى الناس من نفسه نماذج رائعة، فدخل الناس في دين الله عن إعجاب ورغبة، وما كادوا يتعمقوا في هذا الدين، ويتعرفون دخائله، حتى صاروا حراساً على دعوته العامة مثل العرب الذين جادوا به، أو أشد.

وقد وقع قتال في أثناء سعي العرب لتحرير الشعوب السجينة، وفك الأغلال عنها، وهل كان يمكن قمع الاستعمار القديم أو الحديث إلا بالسلاح؟

إن أنبل قتال وقع على ظهر الأرض، هو ما خاضه أتباع محمد لرد الرومان إلى أوربا من حيث جاءوا، ولكسر شوكة المجوس في فارس. وإلا فكيف يتصور أمرؤ راشد آن أربعة آلاف عربي مثلاً يصبحون قوة غازية لفتح مصر وتوطيد الإسلام فيها جيلاً بعد جيل؟

إنه لولا انبهار الأمم بالدين، وتجاوبها معه، وإحساسها بآنه هدية الأقدار إليها. ما دانت لأهله، ولا دخلت فيه.

ما ذا عسى يصنع أربعة آلاف رجل في قطر كمصر، أمام عشرات الألوف من جند الرومان ومشايعيهم؟

وهب أنهم حن الوغي، وأن خصومهم هباء، ما الذي جعل جماهير الشعب تسالم الوافدين، ثم تنشرح صدراً بعقائدهم، ثم تهب لنصرتها بعد ما اعتنقتها؟

إنها طبيعة الحق عندما يُحسن عرضه، وتنزاح العوائق أمام الرغبة فيه.

وما مصر إلا مثل لشقيقاتها التي كانت عانية في أسر الرومان.

ثم شاعت أنوار الصدق في هذا الدين، فهوت إليه قلوبهم ثم حملت لواءه إلي يوم الناس هذا عن اعتزاز وحب.

Back to top button