أخبار الجمعيةالكلمة الأسبوعيةعاممقالاتمقالات الرأي

نطالب بحقوقنا ونحافظ على بلادنا

بسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيم
يقول الله تعالى: ﴿وَأَطِيعُواْ اُ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْۖ وَاصْبِرُواْۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ مَعَ اَ۬لصَّٰبِرِينَۖ﴾، ويقول تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اِ۬للَّهِ جَمِيعا وَلَا تَفَرَّقُواْۖ﴾، ويقول الرسول ﷺ: (إيّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا.)
ديننا دين الوحدة والقوة، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، ووحدة الصف في المجتمع المسلم عامل أساسي من عوامل قوته، ولذلك يسعى أعداء هذا المجتمع لتفكيكه، وبذر أسباب الشقاق والتنازع بين أفراده، ويدسُّون ذلك تحت شعارات متعددة وكلها حق، ولكن كما قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رفع كلمة إن الحكم إلا لله، فقال: “كلمة حق أريد بها باطل”، ولا يستطيع الكثير من الناس أن يفطنوا لمثل هذه الألاعيب إلا بعد فوات الأوان.
إن محاربة الفساد والعمل على إنهاء حالة الانقسام والتشرذم وسيطرة أصحاب الأهواء، والوصول بالوطن إلى حالة من الاستقرار، وبداية البناء على أسس صحيحة في ظل دولة القانون النابع من شريعتنا الغراء، هي مطالب حقيقية وصادقة ومهمة، ولكن الأهم من ذلك هو: ما هي الوسائل المستخدمة لتحقيقه؟
وتحرُّك مؤسسات المجتمع المدني للمطالبة بتحقيق المطالب الشرعية بطريقة قانونية وسلمية؛ سواء برفع المطالب إلى جهات الاختصاص أو من خلال وسائل الإعلام المختلفة، والوقفات والتجمعات الشعبية المنضبطة بالقانون، والخالية من كل مظاهر العنف والتخريب، وغيرها من الوسائل المشروعة شرعا وقانونا. كل هذه الأمور لا بأس بها، بل وهي واجبات في حق النُّخَب والمؤسسات العاملة في المجتمع والمصرح لها قانونا بممارسة نشاطها. ومع ذلك فإن شرعية الوسائل مرتبطة ارتباطا كاملا بمآلاتها وما ينتج عنها، فلو أدى استخدام هذه الوسائل إلى ضرر يلحق الأفراد أو المؤسسات فلا شك أن هذا ممنوع ومرفوض حتى لو سَلِمت النوايا، وكانت تقصد الخير فيما دعت إليه، ولا بد من الانتباه إلى من يمكن أن يستفيد من شرعية المطالب ويستغلها لتحقيق مكاسب خاصة سياسية كانت أو مادية، بغض النظر عما تسببه من مفاسد.
وهنا قد يقول قائل إن تحقيق هذه المطالب قد لا يتحقق إلا باستخدام وسائل قد ينتج عنها بعض الانتهاك والتخريب، وهنا لا بد من بيان أن تهييج الناس ودفعهم إلى التظاهر -غير المنضبط- لا يمكن التحكم به، ولا يمكن ضبطه بحيث نقدر نسبة الضرر بدرجة مقبولة، ولذلك تكون القاعدة العامة من دفع الضرر، واحتمال أخف الضررين هو استثناء على الأصل العام الذي نبني عليه تصورنا وقراراتنا. ومع ذلك فالحل الحقيقي هو أن تتكاتف جهود أهل الخير وقادة المرحلة، وأن نتنازل لبعضنا بعضًا حتى نقود البلاد إلى حالة الاستقرار ودولة القانون.
إن مصلحة الوطن ووحدة أهله وتكاتفهم تجاه المؤامرات الدولية والإقليمية لابد أن توضع فوق كل اعتبار، ومن الضروري أن ينتشر الوعي بهذا الأمر بين الناس، فضلا عن أهل الفكر والثقافة والرأي، ويعمل الجميع على تفويت الفرصة على أعداء الأمة والوطن لتحقيق أهدافهم من إشغال كل بلد بمشاكله الخاصة، وينسون قضية الأمة الرئيسية من احتلال وانتهاك للأوطان والحرمات.
بلادنا أمانة لدينا، والممتلكات الخاصة والعامة لها حرمتها، فضلا عن أرواح أهل هذا الوطن، فلنحافظ عليها، ولنرفع أكف الضراعة للمولى أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل من يريد بها شرا، ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حِفْظاۖ وَهْوَ أَرْحَمُ اُ۬لرَّٰحِمِينَۖ﴾.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى