عام

نعم لنشر الفضائل والمكرمات لا لنشر الرذائل والعثرات

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لكل مقام مقال، ولكل زمن حال، وما يصح في وقت قد يمنع في وقت آخر، وفي أوقات معينة يكون الأجر مضاعفا على أوقات أخرى، كما أن الإثم والذنب يتضاعف في أوقات وأماكن أكثر من أوقات وأماكن أخرى، كما أن الأولويات قد تتغير بتغير الزمان والمكان، وهذا يدعونا إلى الانتباه إلى الوقت والمكان الذي نعمل فيه، ونقوم بالأفضل والأجمل والأكمل، وهذا ما أسماه ابن القيم رحمه الله تعالى بواجب الوقت.
شهر رمضان شهر القرآن ومزيد الطاعات، والأجور فيه مضاعفة أضعافا كثيرة، كما أن الوزر والآثام كذلك، فالفحش في القول أو في العمل منهي عنه في كل الأوقات، وهو أكثر نهيا وجرما في رمضان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله r : (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري، وعنه أيضا قال رسول الله r : (الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، وإذا سابه أو قاتله أحد فليقل: إني صائم) متفق عليه، وهنا ندعو الجميع إلى التمسك بالهدْي النبوي، ومجاهدة النفس، والصبر على ما يلاقيه الإنسان من تعامل سيّئ، وأن ننظر إلى هذا الوقت بعين الحرص على اغتنامه، وعدم تضييع الفرصة للعمل بما يرضي الله تعالى، ولا يتحقق فينا دعوة جبريل عليه السلام (من أدرك رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله) وتأمين محمد r (آمين).
يأتي بعد ذلك نشر هذه الخصائل وتلك الممارسات التي يقوم بها الإنسان خلال يومه، فإن كانت من الأخلاق الحميدة والسلوك الجميل والمندوب شرعا؛ فلا بأس من نشره وتداوله عبر وسائل التواصل، وحثِّ الناس على الاقتداء به وسلوكه، وذلك مثل: إفطار الصائم، ومعاونة المحتاج، وبر الوالدين، وكل أعمال الخير، وهو من باب: الدال على الخير كفاعله، ومن باب: “وتعاونوا على البر والتقوى”.
أما إذا كان من السلوك الخاطئ، والأخلاق المذمومة، فلا ينبغي أن يتم نشره أوتداوله، بل ولا ينبغي النظر إليه ابتداء، لأن ذلك سيكون فيه تشجيع على مثل هذه السلوكيات السيئة ونشرها، ويدخل الناشر في النهي في قوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰ⁠نِۚ}، وقوله r (وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا)، كم أننا يجب أن نحذر من أن ندخل ضمن من توعّدهم الله بالعذاب في قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِینَ یُحِبُّونَ أَن تَشِیعَ ٱلۡفَـٰحِشَةُ فِی ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ}.
وهنا نحب أن ننبه أحبتنا جميعا إلى ضرورة عدم التهاون في نشر تلك المقاطع التي تصور سلوك بعض الأفراد خلال فترة الصيام وتلك المشاجرات التي قد تقع هنا وهناك، لأن ذلك فيه نشر لهذا السلوك وتشجيع عليه، وفيه تشهير بذلك الشخص الذي نشرت صوره، كما أن فيه من التجسس وتتبع العثرات، ما هو منهي عنه شرعا، ومذموم عرفا وقانونا.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، وأعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وجميع أحبابنا والمسلمين والمسلمات من النار، يا عزيز يا غفار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى