اجتماعيةعامقضايامقالات

هناك حملة ضد “الزواج” في سياق هدم كيان “الأسرة”، فما واجبنا نحن؟

✍️ بقلم: د. إدريس أوهنا

كثر اليوم بيننا من ينفرون الشباب من الزواج، ويكرهونهم فيه، بدعوى أن “الزواج” لا تتبعه إلا المشاكل والهموم، وكثرة المشاق والأعباء، والصراعات والنزاعات بين الأزواج، والقيود والتعقيدات، وما إلى ذلك، وأنه إن حصل غالبا ما يفضي إلى الشقاق والطلاق !!
ونشر هذه الأفكار والأحكام السامة المغرضة، والتسويق لها في وسائل التواصل الاجتماعي، زاد من ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج – وإن لم يكن هو العامل الوحيد وراء هذه الظاهرة-، وزاد بالمقابل من انتشار العلاقات المتفسخة المحرمة بين الجنسين.
والسؤال الذي علينا وضعه هو:
إذا كان هؤلاء – بعضهم بقصد وبعضهم بغير قصد- يروجون لهذه الدعاية السلبية ضد الزواج، ويخوفون الشباب وينفرونهم منه، فبالمقابل: لماذا لا نسمع أصواتا معاكسة تحض على الزواج، وتبين محاسنه ومنافعه، وترغب فيه وتشجع عليه ؟!
نحن نعلم يقينا أن “الزواج” كان أعظم حدث، وأكبر نعمة بعد الإسلام في حياة كثيرين منا، وأنه في ظل “الزواج” يعيشون حياة سعيدة طيبة، ملؤها التفاهم والمودة والاحترام والسكينة والرحمة. الزوجة تحب زوجها، وتقدره، وتطيعه في المعروف، وتحسن معاشرته، وتقضي معه أحسن الأوقات وأجملها، وتتعبد الله بإسعاده، وهو كذلك، سواء بسواء.
فلماذا لا نشيع هذه النماذج للعيش الرغيد السعيد بين الأزواج، ونكتفي بالسكوت، أو بنشر التجارب الفاشلة المنفرة من الزواج؟!
إن العيب في التجارب الفاشلة، ليس في “الزواج”، وإنما في أحد طرفيه أو كلاهما؛ ولذلك أكد رسولنا صلى الله عليه وسلم على حسن الاختيار لشريك العمر قبل إبرام العقد الغليظ معه، ثم تضمن التوجيه الشرعي في القرآن والسنة معالم هادية لحفظ العلاقة الزوجية من الخراب والدمار.
هؤلاء الشباب الذين يتم تغريرهم وتنفيرهم من الزواج، للزج بهم في مهاوي الرذيلة والفاحشة، سيندمون بلا شك بعد فوات زهرة العمر في حياة بهيمية عشوائية، لا تلبي أشواق الروح، ولا تذيق صاحبها طعم السعادة الحقيقية غير الوهمية. ويكون التعويض حينئذ صعبا جدا إن لم يكن مستحيلا؛ لأن ما فات لا يمكن تداركه إلا جزئيا !!
لذلك نقول لشبابنا بكل صدق ومحبة: ما أحلى “الزواج” إذا أسس على ما ينجحه ويديمه من سكينة ومودة ورحمة وصلاح وحسن خلق، وما أتعس وأغبن من فاتته هذه النعمة العظيمة، التي لا تعوضها أي علاقة أخرى بين البشر على وجه الأرض، ولا تسد مسدها إلا هي !!
ولكي لا نحرم شبابنا من خير متاع الدنيا هذا، على الجهود أن تتكاثف للتشجيع على الزواج الشرعي، وتيسير سبله، وتذليل عقباته، وتأهيل المقبلين عليه، حتى لا تقف في وجهه العقبات المادية، والتقاليد الفاسدة، والتخوفات والتوجسات الوهمية.
إن “الزواج” نعمة وسعادة واستقرار، ولا يحوله إلى شقاء ونقمة إلا من لم يعرف حقه، ولم يرق رقيه.. فلا يغرنكم أيها الشباب من يغرد خارج صربه، ليهوي بكم في مهاوي العصيان والحرمان.
لا حرم الله شبابنا من نعمة الزواج المستقر السعيد، وتكوين أسر متماسكة جميلة !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى