الكلمة الأسبوعيةتصريح وبيانات

واقعنا المؤلم وسبيل الخروج

 

بسم الله الرحمن الرحيم

واقعنا المؤلم وسبيل الخروج

بعد أن هدأت الأمور، وتوقف شلال الدم (مؤقتا)، وبعد أن خرجنا منها بحصيلة من فقْد الأرواح، والجرحى والمصابين، إضافة إلى الممتلكات المدمرة، والقلق الذي لا يزال يعايشه الكثير من المواطنين الذين مروا بهذه المحنة، ورأوا الموت مرات عديدة. بعد كل هذا هل يمكن أن نجلس فنفكر سويا، ما المخرج من هذا؟

لا بد أن نكون صريحين واضحين في تشخيص المشهد حتى نستطيع التفكير في الحل المناسب، فالتشخيص نصف العلاج، كما يقولون.

نحن نعاني من انقسام سياسي حاد، ليس بين الشرق والغرب، بل حتى في المنطقة الواحدة، وكل قوم بما لديهم فرحون، ويعتقدون أنهم على الحق المبين، كما أننا نعاني من ضعف الدولة في التحكم في المجموعات المسلحة، وإن كانت إداريا تتبع الداخلية والدفاع، بالإضافة إلى أنها تأتمر بأمر أفراد معينين، ولا تأتمر بأمر الحكومة سواء الداخلية أو الدفاع أو حتى القائد الأعلى للجيش الليبي.

هذا هو واقع البلاد، وبالتالي سنظل نعاني من احتمال اندلاع اشتباكات هنا وهناك تصفية لحسابات، أو انتقاما لأشخاص بأعيانهم، بل وتنازعا لمناطق نفوذ، والذي يدفع الثمن في جميع الأحوال: أفراد انضموا إلى هذه التشكيلات على اعتبار أنها تتبع الدولة الليبية، من أجل لقمة العيش، والمرتب في آخر كل شهر، ومواطنون أبرياء تصيبهم الطلقات العشوائية التي تطلق بين الأطراف المتنازعة. المحصلة أن المواطن العادي والإنسان البريء هو الذي يدفع الثمن من حياته وماله وعياله.

إذا أردنا الخروج من هذه الأزمة لا بد من تحقيق التالي:

  • فك كل هذه التشكيلات، وإعادة تشكيلها ضمن قوة نظامية رسمية لا تتبع أشخاصا بأعينهم، وإنما تتبع الوزارة المختصة.
  • لا بد أن يقوم القضاء بدوره في اتجاهين رئيسيين: الأول بناء الهيكل القضائي على أساس من القانون والدستور، وتطهيره من كل من يسيء إليه بأي صورة من الصور، والثاني المحافظة على استقلاله وعدم تأثره بالواقع السياسي.

وهنا قد يقول قائل إن هذه الأمور يصعب تحقيقها على الواقع، لأن من يحمل السلاح ويملك المال يتصرف كيف يشاء، ولا يمكن لأحد أن يفعل شيئا حيال ذلك. نعم هذا صحيح، وهو الواقع المؤلم الذي نعيشه، ولكن لا بد أن نكون على ثقة بأن التغيير لا يتم إلا بنا ومن خلالنا، ونحن سندفع الثمن في جميع الأحوال، فلماذا لا نأخذ زمام المبادرة، ونبادر الفعل، ويكون الثمن قليلا، ولا نترك المجال لغيرنا أن يأخذه، وندفع الثمن أضعافا مضاعفة.

  • من الضروري تكوين رأي عام قوي وفاعل يضم أغلب المواطنين -إن لم يكن جميعهم- للمطالبة بتحقيق النقطتين السابقتين.
  • يجب أن تتحمل جميع المؤسسات المدنية من (أحزاب، ومؤسسات مجتمع مدني، وأعيان، ورموز اجتماعية وسياسية) مسؤوليتها تجاه هذه المطالب وتتولى قيادة الجمهور لتحقيق هذه المطالب.
  • على المؤسسات والقنوات الإعلامية، وأصحاب المواقع الإلكترونية، ورجال الإعلام القيام بالدور المنوط بهم، ونقل الصورة إلى الجمهور بما يحقق وحدة الهدف، وعدم إشغال الناس بالقضايا التفصيلية، بل بما يحقق تكوين الرأي العام المؤثر.

قد يظن البعض أنها أحلام، ولكن التاريخ يعلمنا أن أحلام الأمس حقائق اليوم، وبالتالي أحلام اليوم حقائق الغد، ﴿ وَمَا ذَ ⁠لِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِیزࣲ﴾، ﴿ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْۖ وَأُفَوِّضُ أَمْرِيَ إِلَى اَ۬للَّهِۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ بَصِيرُۢ بِالْعِبَادِۖ﴾

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى