( وَدَاعاً فقيه الدعوة )

الشيخ د. سالم الشيخي
صباح كنت أنتظره ولا أريده أن يأتي، كنت أشفق من سماع أخباره، خبر حزين كنت أحاول الاشتغال عنه لكنه كان يفرض نفسه عليّ، منذ أن سمعت بمرض شيخنا وأستاذنا الشيخ عبد المنعم العزي المعروف بمحمد أحمد الراشد،وأنا أحاول أن أبعد عن ذهني أن أسمع خبر موته رحمه الله، خبر حاولت أن أؤخر سماعه لكنه قدر لا مفر منه.
انتقل إلى رحمة الله شيخنا الراشد ونحن في أشد الأوقات حاجة إلى أمثاله، لا أقول في التأصيل الدعوي والعمق الحركي والنظر الفكري حسب-وهو الذي تميز وفاق أقرانه في هذه المجالات- وإنّما حاجتنا إلى سلوكه التربوي وعمقه الإيماني وحاله الرباني.
شيخنا وحبيبنا عرفته عبر كتبه الأولى في الدعوة- المنطلق والعوائق والرقائق- وتربيت عليها، ثم عكفت على رسائل العين وما إن استكملتها حتى وقعت على نسخة خاصة ليست للتوزيع لكتابه المسار فهالني ما فيه من الدمج بين النظريّات التنظيّمة والاستراتيجيّة الدعويّة والأبعاد الإيمانيّة، ثم كان اللقاء الأول به في بداية التسعينيّات في بيته العامر في الإمارات وكان أطول لقاء أحظى به مع عالم مثله استمر لثماني ساعات وانتهى اللقاء بنصيحة جامعة وخطة مفصلة في منهجية طلب العلم استفدت منها إلى يومنا هذا، ثم تعرض شيخنا للسجن الظالم في الإمارت وأذكر أنه لما خرج من سجنه صنعت طعامًا ودعوت عددًا من الإخوة والأصدقاء في مانشستر فبلغه ذلك فاتصل بي فرحًا مسرورًا بهذا الصنيع وتحدث معي مطولًا عن معاني الوفاء والمروءة وحاجة الدعاة إليها. ثم رحل شيخنا إلى سويسرا مهاجرًا ولقد سمعت ممن صحبه عن حاله مع الله ما يمكن أن تكتب فيه الكتب، وزرته عدة مرات فيها، ولقد كان شيخنا صاحب همة يقل نظيرها، ومن درس كتابه دفاع عن أبي هريرة عرف ذلك، ولما وصلني كتابه أصول الاجتهاد في طبعته الأولى التجريبيّة عكفت عليه ثم أستأذنته رحمه الله في أن أختصر الكتاب وأحوله إلى دورة علمية، ففرح بذلك فرحًا شديدًا، ولا أعرف أني تأثرت برسالة تتحدث عن رحلة الآخرة- وها هو قد رحل إليها – أكثر من تأثري برسالته في رحلة الخلود، ومن أراد أن يتعرف أكثر إلى شيخنا منذ طفولته فلا يحرم نفسه من الاطلاع على هذه الرسالة .رحم الله شيخنا وعوض الأمة عن فقده خيرًا ولا حول ولا قوة إلا بالله ،وإنا لله وإنا إليه راجعون.اللهم اخلف على الدعوة والعاملين لهذا الدين خيرا، اللهم ارحمه وتقبل صالح عمله واجعل هذا يوم بِشره وجنْي غراسه.
سالم الشيخي
– من أبرز مؤلفاته -رحمه الله-.
**في علوم الدعوة:**
1. المنطلق
2. العوائق
3. الرقائق
4. صناعة الحياة
5. المسار
6. رسائل العين
7. منهجية التربية الدعوية
**في العلوم الشرعية:**
1. دفاع عن أبي هريرة
2. أقباس من مناقب أبي هريرة (مختصر الدفاع)
3. تهذيب مدارج السالكين
4. تهذيب العقيدة الطحاوية
5. الفقه اللاهب (تهذيب لكتاب الغياثي للجويني)
6. أصول الإفتاء والاجتهاد التطبيقي (أربعة أجزاء)
7. صراطنا المستقيم
8. آفاق الجمال (الرسالة الثانية من سلسلة “مواعظ داعية”)