اجتماعيةاحتفلاتعاممقالاتمقالات تربوية

✍️ من معاني الهجرة الحاضرة تخليدا لذكرى الهجرة الغابرة💥

#بقلم: د. إدريس أوهنا#

يعد حدث الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة من الأحداث العظام التي عرفها التاريخ الإسلامي؛ ولجسامة الحدث وعظيم أهميته فقد أسيل في تحليل تفاصيله ووقائعه، وبيان دروسه وعبره مداد كثير. وكي لا أكتفي بتكرار ما قيل، وترديد ما حرر، ارتأيت النظر إلى موضوع الهجرة في ضوء ما يجري في غزة اليوم؛ فلاح لي من معاني الهجرة ومقتضياتها التي ينبغي استحضارها والعمل بها اليوم، لمن فقه الهجرة جيدا في أبعادها الحضارية، ومقاصدها الشرعية، ما يلي:

✓ هجرة إبعاد الجهاد أو إقصائه من قاموس حياتنا وتفكيرنا وتداولنا واهتمامنا، إلى إحلاله في كل ذلك وإحيائه، بمعناه العام الذي يشمل: الجهاد بالعلم، والجهاد بالدعوة، والجهاد بكلمة الحق، والجهاد بالمال، والجهاد بالأعمال الصالحة بصفة عامة، إلى الجهاد بمعناه الخاص، الذي هو قتال المعتدي والمحتل. ومن منعه العذر عليه أن يحدث نفسه بذلك، ويعقد العزم عليه بزوال المانع والعذر القاهر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا هجرةَ بعد الفتح، ولكن جهاد ونيَّة، وإذا استُنْفِرتُم فانفِروا)) -صحيح البخاري-، وسئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أي الهجرة أفضل؟ قال: ((الجهاد)) -مسند أحمد-، وفي صحيح مسلم: (( مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِهِ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ.))

✓ هجرة الشح والبخل؛ بإنفاق المال في أوجه البر والإحسان، وعلى رأسها اليوم دعم المقاومة، وإسناد المدنيين والنازحين الذين يعانون من ويلات المجاعة والقصف، قال تعالى:{وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم} البقرة 273، وقال: {إنما المومنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون}الحجرات15؛ فلا صدق في الإيمان ما لم يشفع بالجهاد بالمال والجهاد بالنفس.

✓ هجرة البضائع والشركات الداعمة للكيان الصهيوني، ومن لم يهجرها فليعلم أن له يدا في المجازر وجرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الصهيوني الفاشل في حق الأطفال والنساء والمدنيين العزل.

✓ هجرة التطبيع مع الكيان الصهيوني الوحشي، وهجرة جميع المحافل والفعاليات والأنشطة المطبعة معه، سياسية كانت، أو أكاديمية، أو فنية، أو رياضية، أو غيرها، ومدافعتها وردها وفضحها بقدر المتاح والإمكان.

✓ هجرة الفواحش والذنوب؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((المسلم مَن سَلِم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَن هجَر ما نهى الله عنه)) -صحيح البخاري-
فبمقتضى هذا الحديث الشريف تكون هجرة المعاصي والذنوب من خيانة وخذلان وربا وزنا وغش وغيبة وكذب وظلم وغير ذلك، من أهم أوجه الهجرة المعنوية التي ينبغي حبس النفس دون ارتكابها، ولنعلم أن المعاصي والذنوب قسمان: قسم متعلق بحقوق الله، يغفره الله إذا شاء لمن شاء، وقسم متعلق بحقوق العباد، لا يكفر ولا يغتفر بحج ولا بغيره من العبادات والفضائل إلا برد المظالم إلى أهلها أو الاستحلال منها بعفوهم وسماحتهم؛ ولذلك وجب الحرص على هجرة المعاصي عموما، وعدم الاستهانة بالمظالم وحقوق الناس، وبالأخص حقوق إخواننا علينا في غزة وفلسطين.

في الختام نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى هجرة ما ذكرنا، وما لم نذكر مما يسخطه ويغضبه، وأن يكتب لنا أجر الهجرة والجهاد وسائر ما يحبه ويرضاه من الأعمال الصالحة، ويشفي صدورنا وصدور إخواننا في غزة وفلسطين بنصر مبين وفتح قريب وفرج عاجل، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، نعم المولى هو ونعم النصير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى