الكلمة الأسبوعية
قُوۤا أَنفُسَكُم وَأَهلِیكُم نَاراً
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تقف مسؤولية الأب تجاه أسرته وأبنائه على الإنفاق والحماية وتوفير متطلبات الحياة المادية فقط، ولكنها تتعدى ذلك إلى حفظ دينهم وقيمهم الأخلاقية والاجتماعية وحماية آخرتهم، وهذا ما جاء في قوله تعالى ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ قُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِیكُمۡ نَارًا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ) (التحريم ٦٦)، وهذا يعني تربيتهم على مبادئ وقيم الإسلام الحنيف، وتحصينهم ضد كل الهجمات التي يتعرضون لها لصرفهم عن دينهم والتزامهم بأوامر ربهم.
تستعمل كل الوسائل الآن لصرف الشباب والفتيات عن المبادئ والقيم الربانية، وزرع بدائل عنها تفتح باب الغواية والفساد تحت مسميات شتى من الحرية الشخصية، والتمدن وتحرير العقل من الغيبيات والخرافات، كما أنهم يسعون للتهوين من أمر الدين، والإيمان بالغيب واليوم الآخر، وهدم كل الحواجز عن المحرمات، وفتح باب الشهوات والمتع دون حدود واعتبار كل الممنوعات ضربا من تقييد الحرية واستبدادًا وقمعًا يمارس من قبل المجتمع ضد أفراده.
لقد وصل الأمر إلى معاندة الفطرة الإنسانية، فظهر من ينادي بالإلحاد، وإنكار وجود الرب سبحانه، وهناك من ينادي بالشذوذ والمثلية وإلغاء الجنس من ذكر وأنثى، وكون الأسرة الطبيعية تتكون من ذكر وأنثى، كما ينادون بالحرية لتكوين أسرة سواء من رجل ورجل أو امرأة وامرأة، ويطالبون كل الحكومات وأصحاب القرار بتقنين هذا الوضع والتصدي بقوة لكل من يقف ضده.
وهذا أحد الكتّاب الصهاينة في كتابه نهاية العرب يحدد مكمن القوة في مجتمعاتنا ويقترح الطرق للتغلب عليها، فهو يقول: “إنْ دمرنا عقيدة العرب، وسكان الشرق الأوسط، فقد دمرنا عقيدة المسلمين، فهم الأكثر تطبيقا لتعاليم الإسلام السنية الصحيحة..” وينصح بأن “ندمر النساء في دولتهم ونشجع النسوية والانحلال لكي يسهل التحكم بعقولهم..” ويبين قيمة الأسرة وضرورة تدميرها من داخلها فينصح بـأنه “يجب خلق فجوة بين الوالدين والأبناء لكي يتوقف مفهوم بر الوالدين لديهم، ونزرع فيهم حب الذات والمصلحة الفردية فوق المصلحة الأسرية، وبذلك ينشأ جيل لا يحترم الجيل الذي سبقه ويكون مقدمة لتفكك المجتمع”، وهكذا دواليك.
لابد أن ينتبه الآباء والأمهات إلى دورهم في توعية أبنائهم وبناتهم، وتحصينهم وتوعيتهم تجاه هذه الدعوات، وهذا يكون من خلال عدة أمور:
1) فتح الحوار الهادئ والمفيد مع الأبناء، حتى يصارحوا الآباء والأمهات بما يدور في أذهانهم، ومناقشتهم وتبيين الحقائق لهم بهدوء ودون تعنيف أو تهديد.
2) إشغالهم بالمفيد من الأعمال والقراءات، وتفريغ كل طاقتهم فيما يعود عليهم بالفائدة والنفع.
3) المساهمة في اختيار الأصدقاء الجيدين والمعروفين بأخلاقهم وسلوكهم القويم.
4) التواصل مع أهل العلم والاختصاص للمساعدة في الرد على كل ما يطرحه الأبناء والبنات من أفكار وتساؤلات.
كما أن للمجتمع والدولة والمؤسسات الدينية والتعليمية والاجتماعية دورا مهما في هذا الموضوع، من توفير البرامج المفيدة، والتوعية الرشيدة من مختصين سواء بالمحاضرة أو بالفيديو القصير، أو من خلال مناهج التعليم، ويتأكد الدور على خطبائنا في المساجد من التنبيه على ما يطرح من قضايا دون تهويل أو تهوين، ولا بد أن يدرك مشايخنا ضرورة مراعاة أدوات العصر وأسلوب الخطاب ( وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِیُبَیِّنَ لَهُمۡۖ) (إبراهيم 4) مما يساعد بصورة كبيرة في الوصول إلى عقول وقلوب الشباب والفتيات.
هذه كلمات بطبيعة الحال لا تفي بالغرض، ولا توفي الموضوع حقه، ولكنها تنبه إلى خطورة الموضوع، والجميع مطالب بالإسهام في مواجهته حتى لا يأتي اليوم الذي نقول فيه يا ليت، ولات حين علاج ولا استدراك.